وَبَنَى الْمُصَنِّفُ، وَالشَّارِحُ، وَالْحَارِثِيُّ، وَغَيْرُهُمْ هَذَيْنِ الْوَجْهَيْنِ عَلَى الرِّوَايَتَيْنِ فِي شِرَاءِ رَبِّ الْمَالِ مِنْ مَالِ الْمُضَارَبَةِ. وَتَقَدَّمَ الْخِلَافُ فِي ذَلِكَ، وَأَنَّ الصَّحِيحَ مِنْ الْمَذْهَبِ: أَنَّهُ لَا يَصِحُّ، فِي بَابِ الْمُضَارَبَةِ.
فَوَائِدُ: إحْدَاهَا: لَوْ بِيعَ شِقْصٌ مِنْ شَرِكَةِ مَالِ الْمُضَارَبَةِ. فَلِلْعَامِلِ الْأَخْذُ بِهَا إذَا كَانَ الْحَظُّ فِيهَا. فَإِنْ تَرَكَهَا: فَلِرَبِّ الْمَالِ الْأَخْذُ. لِأَنَّ مَالَ الْمُضَارَبَةِ مِلْكُهُ. وَلَا يَنْفُذُ عَفْوُ الْعَامِلِ. وَلَوْ كَانَ الْعَقَارُ لِثَلَاثَةٍ، فَقَارَضَ أَحَدُهُمْ أَحَدَ شَرِيكَيْهِ بِأَلْفٍ، فَاشْتَرَى بِهِ نِصْفَ نَصِيبِ الثَّالِثِ. فَلَا شُفْعَةَ فِي أَحَدِ الْوَجْهَيْنِ. لِأَنَّ أَحَدَهُمَا مَالِكُ الْمَالِ. وَالْآخَرَ عَامِلٌ فِيهِ. فَهُمَا كَشَرِيكَيْنِ فِي مُشَاعٍ، لَا يَسْتَحِقُّ أَحَدُهُمَا عَلَى الْآخَرِ شُفْعَةً. ذَكَرَهُ فِي الْمُغْنِي، وَالشَّرْحِ، وَالْحَارِثِيِّ. قُلْت: وَهُوَ الصَّوَابُ.
وَالْوَجْهُ الْآخَرُ: فِيهِ الشُّفْعَةُ. قَالُوا: وَلَوْ بَاعَ الثَّالِثُ بَقِيَّةَ نَصِيبِهِ لِأَجْنَبِيٍّ: ثَبَتَتْ الشُّفْعَةُ بَيْنَهُمْ أَخْمَاسًا. لِلْمَالِكِ خُمُسَاهَا. وَلِلْعَامِلِ مِثْلُهُ. وَلِمَالِ الْمُضَارَبَةِ خُمُسُهَا بِالسُّدُسِ الَّذِي لَهُ، جُعِلَا لِمَالِ الضَّارِبَةِ كَشَرِيكٍ آخَرَ.
الثَّانِيَةُ: لَوْ بَاعَ الْمُضَارِبُ مِنْ مَالِ الْمُضَارَبَةِ شِقْصًا فِي شَرِكَةِ نَفْسِهِ: لَمْ يَأْخُذْ بِالشُّفْعَةِ لِأَنَّهُ مُتَّهَمٌ. فَأَشْبَهَ الشِّرَاءَ مِنْ نَفْسِهِ. ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ، وَغَيْرُهُ.
الثَّالِثَةُ: تَثْبُتُ الشُّفْعَةُ لِلسَّيِّدِ عَلَى مُكَاتَبِهِ. ذَكَرَهُ الْقَاضِي، وَالْمُصَنِّفُ، وَغَيْرُهُمَا لِأَنَّ السَّيِّدَ لَا يَمْلِكُ مَا فِي يَدِهِ، وَلَا يُزَكِّيهِ. وَلِهَذَا جَازَ أَنْ يَشْتَرِيَ مِنْهُ وَأَمَّا الْعَبْدُ الْمَأْذُونُ لَهُ: فَإِنْ كَانَ لَا دَيْنَ عَلَيْهِ، فَلَا شُفْعَةَ بِحَالٍ لِسَيِّدِهِ. وَإِنْ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute