وَيَحْتَمِلُ أَنَّهُ لَيْسَ لَهُ الصَّدَقَةُ بِهَا إلَّا إذَا تَعَذَّرَ إذْنُ الْحَاكِمِ. ذَكَرَهُ الْقَاضِي. وَتَقَدَّمَ نَظِيرُ ذَلِكَ فِي الْغَصْبِ، وَآخِرِ الرَّهْنِ. وَيَلْزَمُ الْحَاكِمَ قَبُولُ الْوَدَائِعِ، وَالْغُصُوبِ، وَدَيْنِ الْغَائِبِ، وَالْمَالِ الضَّائِعِ. عَلَى الصَّحِيحِ مِنْ الْمَذْهَبِ. قَالَ فِي التَّلْخِيصِ: الْأَصَحُّ اللُّزُومُ فِي قَبُولِ الْوَدِيعَةِ، وَالْغُصُوبِ، وَالدَّيْنِ. وَقِيلَ: لَا يَلْزَمُهُ. وَأَطْلَقَهُمَا فِي الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى. وَالْفُرُوعِ.
قَوْلُهُ (وَإِنْ تَعَذَّرَ ذَلِكَ) يَعْنِي إذَا تَعَذَّرَ دَفْعُهَا إلَى الْحَاكِمِ (أَوْدَعَهَا ثِقَةً) . هَذَا الصَّحِيحُ مِنْ الْمَذْهَبِ. قَالَ فِي الْخُلَاصَةِ، وَالْفُرُوعِ: دَفَعَهَا إلَى ثِقَةٍ. فِي الْأَصَحِّ. وَجَزَمَ بِهِ فِي الْمُحَرَّرِ، وَالْوَجِيزِ، وَالْمُنَوِّرِ، وَغَيْرِهِمْ. وَقَدَّمَهُ فِي الْمُغْنِي، وَالشَّرْحِ، وَالتَّلْخِيصِ، وَالرِّعَايَتَيْنِ، وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ، وَغَيْرِهِمْ. وَاخْتَارَهُ الْقَاضِي، وَغَيْرُهُ. وَقِيلَ: لَا تُودَعُ لِغَيْرِ الْحَاكِمِ. وَقَطَعَ بِهِ أَبُو الْخَطَّابِ فِي رُءُوسِ الْمَسَائِلِ. قَالَ الْقَاضِي، وَابْنُ عَقِيلٍ: ظَاهِرُ كَلَامِ الْإِمَامِ أَحْمَدَ - رَحِمَهُ اللَّهُ -: أَنَّهُ لَا يَجُوزُ الدَّفْعُ إلَى غَيْرِ الْحَاكِمِ لِعُذْرٍ أَوْ غَيْرِ عُذْرٍ. ثُمَّ أَوَّلًا ذَلِكَ عَلَى الدَّفْعِ لِغَيْرِ حَاجَةٍ، أَوْ مَعَ الْقُدْرَةِ عَلَى الْحَاكِمِ. قَالَ الْحَارِثِيُّ: وَفِيهِ نَظَرٌ، بَلْ النَّصُّ صَرِيحٌ فِي ذَلِكَ. وَذَكَرَهُ. وَقِيلَ: لَا تُودَعُ مُطْلَقًا. وَنَقَلَهُ الْأَثْرَمُ نَصًّا. قَالَ فِي الرِّعَايَةِ: وَنَصُّهُ مَنْعُهُ. وَهُوَ ظَاهِرُ مَا قَدَّمَهُ فِي الْهِدَايَةِ، وَالْمُسْتَوْعِبِ. وَقَدَّمَهُ فِي الْمُذْهَبِ. وَقَالَ فِي النَّوَادِرِ: وَأَطْلَقَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ - الْإِيدَاعَ عِنْدَ غَيْرِهِ لِخَوْفِهِ عَلَيْهَا. وَحَمَلَهُ الْقَاضِي عَلَى الْمُقِيمِ لَا الْمُسَافِرِ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute