قَالَ فِي الْقَوَاعِدِ: وَيَتَوَجَّهُ قَبُولُ دَعْوَاهُ فِي حَالَةٍ لَا يَضْمَنُ فِيهَا بِالتَّلَفِ. لِأَنَّهُ مُؤْتَمَنٌ شَرْعًا فِي هَذِهِ الْحَالَةِ. وَلَوْ ادَّعَى الْوَارِثُ أَنَّ مُوَرِّثَهُ رَدَّهَا لَمْ يُقْبَلْ أَيْضًا. إلَّا بِبَيِّنَةٍ عِنْدَ الْأَصْحَابِ. قَالَ الْحَارِثِيُّ: وَقَدْ يَتَخَرَّجُ لَنَا قَوْلٌ بِالْقَبُولِ مِنْ أَحَدِ الْوَجْهَيْنِ، فِيمَا إذَا كَانَ عِنْدَهُ وَدِيعَةٌ فِي حَيَاتِهِ لَمْ تُوجَدْ بِعَيْنِهَا، وَلَا يَعْلَمُ بَقَاءَهَا. لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ الْحُصُولِ فِي يَدِ الْوَارِثِ. كَذَلِكَ مَا لَوْ ادَّعَى التَّلَفَ فِي يَدِ مُوَرِّثِهِ. انْتَهَى. قَالَ فِي الْقَاعِدَةِ الرَّابِعَةِ وَالْأَرْبَعِينَ: وَلَا حَاجَةَ إلَى التَّخْرِيجِ إذَنْ. لِأَنَّ الضَّمَانَ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ مُنْتَفٍ، سَوَاءٌ ادَّعَى الْوَارِثُ الرَّدَّ أَوْ التَّلَفَ، أَوْ لَمْ يَدَّعِ شَيْئًا.
قَوْلُهُ (وَإِنْ تَلِفَتْ عِنْدَ الْوَارِثِ قَبْلَ إمْكَانِ رَدِّهَا: لَمْ يَضْمَنْهَا) بِلَا نِزَاعٍ (وَبَعْدَهُ يَضْمَنُهَا فِي أَحَدِ الْوَجْهَيْنِ) وَهُوَ الْمَذْهَبُ. صَحَّحَهُ فِي التَّصْحِيحِ، وَالنَّظْمِ، وَشَرْحِ الْحَارِثِيِّ. قَالَ فِي الْقَاعِدَةِ الثَّالِثَةِ وَالْأَرْبَعِينَ: وَالْمَشْهُورُ الضَّمَانُ. وَجَزَمَ بِهِ فِي الْهِدَايَةِ، وَالْمُذْهَبِ، وَالْمُسْتَوْعِبِ، وَالْخُلَاصَةِ، وَالْهَادِي، وَالْوَجِيزِ، وَغَيْرِهِمْ. وَقَدَّمَهُ فِي التَّلْخِيصِ. وَقَالَ: ذَكَرَهُ أَكْبَرُ الْأَصْحَابِ. وَقَدَّمَهُ فِي الرِّعَايَةِ الصُّغْرَى، وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ.
وَالْوَجْهُ الثَّانِي: لَا يَضْمَنُهَا. قَالَ الْحَارِثِيُّ: وَهَذَا لَا أَعْلَمُ أَحَدًا ذَكَرَهُ إلَّا الْمُصَنِّفَ. قُلْت: قَدْ أَشَارَ إلَيْهِ فِي التَّلْخِيصِ وَغَيْرِهِ وَأَطْلَقَهَا فِي الْمُغْنِي، وَالشَّرْحِ، وَشَرْحِ الْحَارِثِيِّ، وَابْنِ مُنَجَّا، وَالرِّعَايَةِ الْكُبْرَى. وَقِيلَ: لَا يَضْمَنُهَا إنْ لَمْ يَعْلَمْ بِهَا صَاحِبُهَا. جَزَمَ بِهِ فِي الْمُحَرَّرِ، وَتَذْكِرَةِ ابْنِ عَبْدُوسٍ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute