للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الثَّالِثَةُ: لَوْ أَخَّرَ رَدَّ الْوَدِيعَةِ بَعْدَ طَلَبِهَا، بِلَا عُذْرٍ: ضَمِنَ، وَبِعُذْرٍ: لَا يَضْمَنُ. كَالْخَوْفِ فِي الطَّرِيقِ، وَالْعَجْزِ عَنْ الْحَمْلِ، وَعَنْ الْوُصُولِ إلَيْهَا، لِسَيْلٍ أَوْ نَارٍ وَنَحْوِ ذَلِكَ. وَفِي مَعْنَى ذَلِكَ: إتْمَامُ الْمَكْتُوبَةِ، وَقَضَاءُ الْحَاجَةِ، وَمُلَازَمَةُ الْغَرِيمِ يَخَافُ فَوْتَهُ. وَيُمْهَلُ لِأَكْلٍ وَنَوْمٍ وَهَضْمِ طَعَامٍ، وَالْمَطَرِ الْكَثِيرِ، وَالْوَحْلِ الْغَزِيرِ، أَوْ لِكَوْنِهِ فِي حَمَّامٍ، حَتَّى يَخْرُجَ. عَلَى الصَّحِيحِ مِنْ الْمَذْهَبِ. قَدَّمَهُ فِي الْفُرُوعِ. قَالَ فِي الْمُغْنِي وَغَيْرِهِ: إنْ قَالَ أَمْهِلُونِي حَتَّى آكُلَ فَإِنِّي جَائِعٌ، أَوْ أَنَامَ فَإِنِّي نَاعِسٌ، أَوْ يَنْهَضِمَ الطَّعَامُ عَنِّي فَإِنِّي مُمْتَلِئٌ: أُمْهِلَ بِقَدْرِ ذَلِكَ. قَالَ الْحَارِثِيُّ: وَهُوَ الصَّحِيحُ، قَالَ: وَالظَّاهِرُ مِنْ كَلَامِ غَيْرِ وَاحِدٍ: مَنْعُ التَّأْخِيرِ اعْتِبَارًا بِإِمْكَانِ الدَّفْعِ. قُلْت: وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ الْخِرَقِيِّ. وَقَالَ فِي التَّرْغِيبِ وَالتَّلْخِيصِ: إنْ أُخِّرَ لِكَوْنِهِ فِي حَمَّامٍ، أَوْ عَلَى طَعَامٍ إلَى قَضَاءِ غَرَضِهِ: ضَمِنَ، وَإِنْ لَمْ يَأْثَمْ عَلَى وَجْهٍ. وَاخْتَارَهُ الْأَزَجِيُّ فَقَالَ: يَجِبُ الرَّدُّ بِحَسَبِ الْعَادَةِ، إلَّا أَنْ يَكُونَ تَأْخِيرُهُ لِعُذْرٍ وَيَكُونُ سَبَبًا لِلتَّلَفِ. فَلَمْ أَرَ نَصًّا. وَيَقْوَى عِنْدِي: أَنَّهُ يَضْمَنُ لِأَنَّ التَّأْخِيرَ إنَّمَا جَازَ بِشَرْطِ سَلَامَةِ الْعَاقِبَةِ. انْتَهَى.

الرَّابِعَةُ: لَوْ أَمَرَهُ بِالرَّدِّ إلَى وَكِيلِهِ فَتَمَكَّنَ، وَأَبَى: ضَمِنَ. عَلَى الصَّحِيحِ مِنْ الْمَذْهَبِ، وَلَوْ لَمْ يَطْلُبْهَا وَكِيلُهُ. قَالَهُ فِي التَّلْخِيصِ، وَالْفُرُوعِ. وَقِيلَ: لَا يَضْمَنُ إلَّا إذَا طَلَبَهَا وَكِيلُهُ، وَأَبَى الرَّدَّ. وَإِذَا دَفَعَهَا إلَى الْوَكِيلِ وَلَمْ يُشْهِدْ، ثُمَّ جَحَدَ الْوَكِيلُ: لَمْ يَضْمَنْ بِتَرْكِ الْإِشْهَادِ. بِخِلَافِ الْوَكِيلِ فِي قَضَاءِ الدَّيْنِ: فَإِنَّهُ يَضْمَنُ بِتَرْكِ الْإِشْهَادِ. لِأَنَّ شَأْنَ الْوَدِيعَةِ الْإِخْفَاءُ. قَالَهُ فِي التَّلْخِيصِ وَغَيْرِهِ.

<<  <  ج: ص:  >  >>