لَا يَسْقُطُ حَقُّ الْمُنْتَقِلِ مِنْهُ إذَا انْتَقَلَ لِحَاجَةٍ. وَهَذَا إنَّمَا انْتَقَلَ مُؤْثِرًا لِغَيْرِهِ. فَأَشْبَهَ النَّائِبَ الَّذِي بَعَثَهُ إنْسَانٌ لِيَجْلِسَ فِي مَوْضِعٍ يَحْفَظُهُ لَهُ. انْتَهَى. قُلْت: الَّذِي يَتَعَيَّنُ مَا قَالَهُ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ - رَحِمَهُ اللَّهُ - إلَّا إذَا كَانَ الْمَنْزُولُ لَهُ أَهْلًا، وَيُوجَدُ غَيْرُ أَهْلٍ. فَإِنَّ الْمَنْزُولَ لَهُ أَحَقُّ، مَعَ أَنَّ هَذَا لَا يَأْبَاهُ كَلَامُ الشَّيْخِ تَقِيِّ الدِّينِ.
قَوْلُهُ (وَلِلْإِمَامِ إقْطَاعُ مَوَاتٍ لِمَنْ يُحْيِيهِ، وَلَا يَمْلِكُهُ بِالْإِقْطَاعِ، بَلْ يَكُونُ كَالْمُتَحَجِّرِ الشَّارِعِ فِي الْإِحْيَاءِ) . هَذَا الْمَذْهَبُ. وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ. قَالَ الْحَارِثِيُّ: وَقَالَ مَالِكٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ -: يَثْبُتُ الْمِلْكُ بِنَفْسِ الْإِقْطَاعِ. يَبِيعُ، وَيَهَبُ، وَيَتَصَرَّفُ، وَيُورَثُ عَنْهُ. قَالَ: وَهُوَ الصَّحِيحُ. إعْمَالًا لِحَقِيقَةِ الْإِقْطَاعِ. وَهُوَ التَّمْلِيكُ.
فَائِدَتَانِ: إحْدَاهُمَا: لِلْإِمَامِ إقْطَاعُ غَيْرِ الْمَوَاتِ تَمْلِيكًا وَانْتِفَاعًا، لِلْمَصْلَحَةِ دُونَ غَيْرِهَا.
الثَّانِيَةُ: قَسَّمَ الْأَصْحَابُ الْإِقْطَاعَ إلَى ثَلَاثَةِ أَقْسَامٍ: إقْطَاعُ تَمْلِيكٍ، وَإِقْطَاعُ اسْتِغْلَالٍ، وَإِقْطَاعُ إرْفَاقٍ. وَقَسَمَ الْقَاضِي إقْطَاعَ التَّمْلِيكِ: إلَى مَوَاتٍ، وَعَامِرٍ، وَمَعَادِنَ. وَجَعَلَ إقْطَاعَ الِاسْتِغْلَالِ عَلَى ضَرْبَيْنِ: عُشْرٌ، وَخَرَاجٌ. وَإِقْطَاعُ الْإِرْفَاقِ: يَأْتِي فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ.
قَوْلُهُ (وَلَهُ إقْطَاعُ الْجُلُوسِ فِي الطُّرُقِ الْوَاسِعَةِ وَرِحَابِ الْمَسْجِدِ، مَا لَمْ يُضَيِّقْ عَلَى النَّاسِ. فَيَحْرُمُ، وَلَا تُمْلَكُ بِالْإِحْيَاءِ) بِلَا نِزَاعٍ (وَيَكُونُ الْمُقْطَعُ أَحَقَّ بِالْجُلُوسِ فِيهَا، مَا لَمْ يَعُدْ فِيهِ الْإِمَامُ) .
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute