قَوْلُهُ (وَمَنْ حُبِسَ فِي الْمِصْرِ صَلَّى بِالتَّيَمُّمِ وَلَا إعَادَةَ عَلَيْهِ) . إذَا عَدِمَ الْمَحْبُوسُ وَنَحْوُهُ الْمَاءَ، فَالصَّحِيحُ مِنْ الْمَذْهَبِ: يَتَيَمَّمُ. وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأَصْحَابِ، وَقَطَعَ بِهِ كَثِيرٌ مِنْهُمْ. وَعَنْهُ لَا يُصَلِّي بِالتَّيَمُّمِ فِي الْحَضَرِ حَتَّى يُسَافِرَ، أَوْ يَقْدِرَ عَلَى الْمَاءِ، اخْتَارَهَا الْخَلَّالُ. وَتَقَدَّمَ ذَلِكَ فِي أَوَّلِ الْبَابِ. فَعَلَى الْمَذْهَبِ: لَا يُعِيدُ عَلَى الصَّحِيحِ مِنْ الْمَذْهَبِ، وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ. وَعَنْهُ يُعِيدُهُ وَهِيَ تُخَرَّجُ فِي الْمُحَرَّرِ وَغَيْرِهِ. وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْمَذْهَبِ، وَالْمُسْتَوْعِبِ.
قَوْلُهُ (وَلَا يَجُوزُ لِوَاجِدِ الْمَاءِ التَّيَمُّمُ خَوْفًا مِنْ فَوَاتِ الْمَكْتُوبَةِ) هَذَا الْمَذْهَبُ مُطْلَقًا. وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأَصْحَابِ، وَقَطَعَ بِهِ كَثِيرٌ مِنْهُمْ. فَيَشْتَغِلُ بِالشَّرْطِ. وَعَنْهُ تَقْدِيمُ الْوَقْتِ عَلَى الشَّرْطِ. فَيُصَلِّي مُتَيَمِّمًا. قَالَهُ فِي الْفَائِقِ، وَاخْتَارَهُ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ، فِيمَنْ اسْتَيْقَظَ آخِرَ الْوَقْتِ وَهُوَ جُنُبٌ، وَخَافَ إنْ اغْتَسَلَ خَرَجَ الْوَقْتُ، أَوْ نَسِيَهَا وَذَكَرَهَا آخِرَ الْوَقْتِ، وَخَافَ أَنْ يَغْتَسِلَ أَوْ يَتَوَضَّأَ وَيُصَلِّيَ خَارِجَ الْوَقْتِ كَالْمَذْهَبِ، وَاخْتَارَ أَيْضًا: إنْ اسْتَيْقَظَ أَوَّلَ الْوَقْتِ. وَخَافَ إنْ اشْتَغَلَ بِتَحْصِيلِ الْمَاءِ يَفُوتُ الْوَقْتُ: أَنْ يَتَيَمَّمَ وَيُصَلِّيَ، وَلَا يَفُوتَ وَقْتُ الصَّلَاةِ، وَاخْتَارَ أَيْضًا فِيمَنْ يُمْكِنُهُ الذَّهَابُ إلَى الْحَمَّامِ، لَكِنْ لَا يُمْكِنُهُ الْخُرُوجُ حَتَّى يَفُوتَ الْوَقْتُ، كَالْغُلَامِ وَالْمَرْأَةِ الَّتِي مَعَهَا أَوْلَادُهَا، وَلَا يُمْكِنُهَا الْخُرُوجُ حَتَّى تَغْسِلَهُمْ وَنَحْوَ ذَلِكَ: أَنْ يَتَيَمَّمَ وَيُصَلِّيَ خَارِجَ الْحَمَّامِ لِأَنَّ الصَّلَاةَ فِي الْحَمَّامِ وَخَارِجَ الْوَقْتِ مَنْهِيٌّ عَنْهُمَا، كَمَنْ انْتَقَضَ وُضُوءُهُ وَهُوَ فِي الْمَسْجِدِ، وَاخْتَارَ أَيْضًا: جَوَازَ التَّيَمُّمِ خَوْفًا مِنْ فَوَاتِ الْجُمُعَةِ، وَأَنَّهُ أَوْلَى مِنْ الْجِنَازَةِ لِأَنَّهَا لَا تُعَادُ. قُلْت: وَهُوَ قَوِيٌّ فِي النَّظَرِ. وَخَرَّجَهُ فِي الْفَائِقِ لِنَفْسِهِ مِنْ الرِّوَايَةِ الَّتِي فِي الْعِيدِ، وَجَعَلَ الْقَاضِي وَغَيْرُهُ الْجُمُعَةَ أَصْلًا لِلْمَنْعِ، وَأَنَّهُمْ لَا يَخْتَلِفُونَ فِيهَا.
فَائِدَةٌ: يُسْتَثْنَى مِنْ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ وَغَيْرِهِ: الْخَائِفُ فَوَاتَ عَدُوِّهِ. فَإِنَّهُ لَا يَجُوزُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute