الْخَامِسَةُ: يَشْتَمِلُ عَلَى أَحْكَامٍ جَمَّةٍ مِنْ أَحْكَامِ النَّاظِرِ. إذَا عَزَلَ الْوَاقِفُ مَنْ شَرَطَ النَّظَرَ لَهُ: لَمْ يَنْعَزِلْ، إلَّا أَنْ يَشْرُطَ لِنَفْسِهِ وِلَايَةَ الْعَزْلِ. قَطَعَ بِهِ الْحَارِثِيُّ، وَصَاحِبُ الْفُرُوعِ. وَلَوْ مَاتَ هَذَا النَّاظِرُ فِي حَيَاةِ الْوَاقِفِ: لَمْ يَمْلِكْ الْوَاقِفُ نَصْبَ نَاظِرٍ بِدُونِ شَرْطٍ. وَانْتَقَلَ الْأَمْرُ إلَى الْحَاكِمِ. وَإِنْ مَاتَ بَعْدَ وَفَاةِ الْوَاقِفِ: فَكَذَلِكَ بِلَا نِزَاعٍ. وَإِنْ شَرَطَ الْوَاقِفُ النَّظَرَ لِنَفْسِهِ. ثُمَّ جَعَلَهُ لِغَيْرِهِ، أَوْ فَوَّضَهُ إلَيْهِ، أَوْ أَسْنَدَهُ: فَهَلْ لَهُ عَزْلُهُ؟ فِيهِ وَجْهَانِ. وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْفُرُوعِ.
أَحَدُهُمَا: لَهُ عَزْلُهُ. قَدَّمَهُ فِي الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى. فَقَالَ: وَإِنْ قَالَ " وَقَفْت كَذَا بِشَرْطِ أَنْ يَنْظُرَ فِيهِ زَيْدٌ " أَوْ " عَلَى أَنْ يَنْظُرَ فِيهِ " أَوْ قَالَ عَقِبَهُ " جَعَلْته نَاظِرًا فِيهِ " أَوْ جَعَلَ النَّظَرَ لَهُ: صَحَّ، وَلَمْ يَمْلِكْ عَزْلَهُ. وَإِنْ شَرَطَهُ لِنَفْسِهِ. ثُمَّ جَعَلَهُ لِزَيْدٍ، أَوْ قَالَ " جَعَلْت نَظَرِي لَهُ " أَوْ " فَوَّضْت إلَيْهِ مَا أَمْلِكُهُ مِنْ النَّظَرِ " أَوْ " أَسْنَدْته إلَيْهِ " فَلَهُ عَزْلُهُ. وَيَحْتَمِلُ عَدَمَهُ. انْتَهَى. قَالَ الْحَارِثِيُّ: إذَا كَانَ الْوَقْفُ عَلَى جِهَةٍ لَا تَنْحَصِرُ كَالْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ أَوْ عَلَى مَسْجِدٍ، أَوْ مَدْرَسَةٍ، أَوْ قَنْطَرَةٍ، أَوْ رِبَاطٍ وَنَحْوِ ذَلِكَ. فَالنَّظَرُ لِلْحَاكِمِ وَجْهًا وَاحِدًا. وَلِلشَّافِعِيَّةِ وَجْهٌ: أَنَّهُ لِلْوَاقِفِ. وَبِهِ قَالَ: هِلَالُ الرَّأْيِ مِنْ الْحَنَفِيَّةِ. قَالَ الْحَارِثِيُّ: وَهُوَ الْأَقْوَى. فَعَلَيْهِ: لَهُ نَصْبُ نَاظِرٍ مِنْ جِهَتِهِ، وَيَكُونُ نَائِبًا عَنْهُ. يَمْلِكُ عَزْلَهُ مَتَى شَاءَ. لِأَصَالَةِ وِلَايَتِهِ. فَكَانَ مَنْصُوبُهُ نَائِبًا عَنْهُ كَمَا فِي الْمِلْكِ الْمُطْلَقِ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute