وَإِنْ لَمْ يُشْرَطْ نَاظِرٌ: لَمْ يَكُنْ لِلْوَاقِفِ وِلَايَةُ النَّصْبِ. نَصَّ عَلَيْهِ فِي رِوَايَةٍ، وَابْنُ بُخْتَانَ. قَالَ الْحَارِثِيُّ: وَيَحْتَمِلُ خِلَافَهُ عَلَى مَا تَقَدَّمَ. فَعَلَى الْأَوَّلِ: لِلْإِمَامِ وِلَايَةُ النَّصْبِ. لِأَنَّهُ مِنْ الْمَصَالِحِ الْعَامَّةِ. وَقَالَ فِي الْأَحْكَامِ السُّلْطَانِيَّةِ: إنْ كَانَ الْمَسْجِدُ كَبِيرًا كَالْجَوَامِعِ، وَمَا عَظُمَ وَكَثُرَ أَهْلُهُ فَلَا يَؤُمُّ فِيهَا إلَّا مِنْ نَدَبَهُ السُّلْطَانُ. وَإِنْ كَانَ مِنْ الْمَسَاجِدِ الَّتِي يَبْنِيهَا أَهْلُ الشَّوَارِعِ وَالْقَبَائِلِ: فَلَا اعْتِرَاضَ عَلَيْهِمْ. وَالْإِمَامَةُ فِيهَا لِمَنْ اتَّفَقُوا عَلَيْهِ. وَلَيْسَ لَهُمْ بَعْدَ الرِّضَى بِهِ عَزْلُهُ عَنْ إمَامَتِهِ إلَّا أَنْ يَتَغَيَّرْ. قَالَ الْحَارِثِيُّ: وَالْأَصَحُّ أَنَّ لِلْإِمَامِ النَّصْبَ أَيْضًا، لَكِنْ لَا يَنْصِبُ مَنْ لَا يَرْضَاهُ الْجِيرَانُ. وَكَذَلِكَ النَّاظِرُ الْخَاصُّ لَا يَنْصِبُ مَنْ لَا يَرْضَوْنَهُ. وَقَالَ الْحَارِثِيُّ أَيْضًا: وَهَلْ لِأَهْلِ الْمَسْجِدِ نَصْبُ نَاظِرٍ فِي مَصَالِحِهِ وَوَقْفِهِ؟ ظَاهِرُ الْمَذْهَبِ: لَيْسَ لَهُمْ ذَلِكَ كَمَا فِي نَصْبِ الْإِمَامِ وَالْمُؤَذِّنِ. هَذَا إذَا وُجِدَ نَائِبٌ مِنْ جِهَةِ الْإِمَامِ. فَأَمَّا إذَا لَمْ يُوجَدْ كَمَا فِي الْقُرَى الصِّغَارِ أَوْ الْأَمَاكِنِ النَّائِيَةِ أَوْ وُجِدَ، وَكَانَ غَيْرَ مَأْمُونٍ، أَوْ يَغْلِبُ عَلَيْهِ نَصْبُ مَنْ لَيْسَ مَأْمُونًا: فَلَا إشْكَالَ فِي أَنَّ لَهُمْ النَّصْبَ، تَحْصِيلًا لِلْغَرَضِ، وَدَفْعًا لِلْمَفْسَدَةِ. وَكَذَا مَا عَدَاهُ مِنْ الْأَوْقَافِ. لِأَهْلِ ذَلِكَ الْوَقْفِ، أَوْ الْجِهَةِ: نَصْبُ نَاظِرٍ فِيهِ كَذَلِكَ. وَإِنْ تَعَذَّرَ النَّصْبُ مِنْ جِهَةِ هَؤُلَاءِ فَلِرَئِيسِ الْقَرْيَةِ أَوْ الْمَكَانِ النَّظَرُ وَالتَّصَرُّفُ لِأَنَّهُ مَحَلُّ حَاجَةٍ. وَنَصَّ الْإِمَامُ أَحْمَدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ - عَلَى مِثْلِهِ. انْتَهَى.
قَالَ فِي الْفُرُوعِ: وَذَكَرَ فِي الْأَحْكَامِ السُّلْطَانِيَّةِ: أَنَّ الْإِمَامَ يُقَرِّرُ فِي الْجَوَامِعِ الْكِبَارِ، كَمَا تَقَدَّمَ. وَلَا يَتَوَقَّفُ الِاسْتِحْقَاقُ عَلَى نَصْبِهِ إلَّا بِشَرْطٍ. وَلَا نَظَرَ لِغَيْرِ النَّاظِرِ مَعَهُ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute