فَإِنْ لَمْ يَكُنْ إيجَابٌ، وَلَا قَبُولٌ، بَلْ إعْطَاءٌ، وَأَخْذٌ: كَانَتْ هَدِيَّةً، أَوْ صَدَقَةَ تَطَوُّعٍ عَلَى مِقْدَارِ الْعُرْفِ. انْتَهَى. وَقَالَ فِي الِانْتِصَارِ، فِي غِذَاءِ الْمَسَاكِينِ فِي الظِّهَارِ: أَطْعَمْتُكَهُ كَوَهَبْتُكَهُ. وَذَكَرَ الْقَاضِي فِي الْمُجَرَّدِ، وَأَبُو الْخَطَّابِ، وَأَبُو الْفَرَجِ الشِّيرَازِيُّ: أَنَّ الْهِبَةَ وَالْعَطِيَّةَ لَا بُدَّ فِيهِمَا مِنْ الْإِيجَابِ وَالْقَبُولِ. وَلَا تَصِحُّ بِدُونِهِ. سَوَاءٌ وُجِدَ الْقَبْضُ أَوْ لَمْ يُوجَدْ. قَالَهُ الْمُصَنِّفُ وَغَيْرُهُ. قَالَ فِي الْفَائِقِ: وَهُوَ ضَعِيفٌ. وَقَدَّمَ فِي الرِّعَايَتَيْنِ: أَنَّهُ لَا يَصِحُّ بِالْمُعَاطَاةِ. وَتَقَدَّمَ التَّنْبِيهُ عَلَى هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ فِي كِتَابِ الْبَيْعِ.
فَائِدَتَانِ: إحْدَاهُمَا: لَوْ تَرَاخَى الْقَبُولُ عَنْ الْإِيجَابِ: صَحَّ، مَا دَامَا فِي الْمَجْلِسِ، وَلَمْ يَتَشَاغَلَا بِمَا يَقْطَعُهُ. قَالَهُ فِي الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى، وَالْفَائِقِ وَقَالَ فِي الصُّغْرَى، وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ: وَتَنْعَقِدُ بِالْإِيجَابِ وَالْقَبُولِ عُرْفًا.
وَقَالَ الزَّرْكَشِيُّ: لَوْ تَقَدَّمَ الْقَبُولُ عَلَى الْإِيجَابِ: فَفِي صِحَّةِ الْهِبَةِ رِوَايَتَانِ. انْتَهَى.
قُلْت: هِيَ مُشَابِهَةٌ لِلْبَيْعِ. فَيَأْتِي هُنَا مَا فِي الْبَيْعِ عَلَى مَا تَقَدَّمَ. ثُمَّ وَجَدْت الْحَارِثِيَّ صَرَّحَ بِذَلِكَ، وَلَمْ يَحْكِ فِيهِ خِلَافًا. وَكَذَلِكَ صَاحِبُ التَّلْخِيصِ.
الثَّانِيَةُ: يَصِحُّ أَنْ يَهَبَهُ شَيْئًا، وَيَسْتَثْنِيَ نَفْعَهُ مُدَّةً مَعْلُومَةً. وَبِذَلِكَ أَجَابَ الْمُصَنِّفُ. وَاقْتَصَرَ عَلَيْهِ فِي الْقَاعِدَةِ الثَّانِيَةِ وَالثَّلَاثِينَ.
قَوْلُهُ (وَتَلْزَمُ بِالْقَبْضِ) . يَعْنِي: وَلَا تَلْزَمُ قَبْلَهُ. وَهَذَا إحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ. وَهُوَ الْمَذْهَبُ مُطْلَقًا. جَزَمَ بِهِ فِي الْوَجِيزِ، وَغَيْرِهِ. وَاخْتَارَهُ ابْنُ عَبْدُوسٍ فِي تَذْكِرَتِهِ، وَالْقَاضِي.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute