وَأَنَّ ابْنَ شِهَابٍ، وَالْقَاضِيَ، قَالَا: لَا يَصِحُّ عَلَى غَيْرِ مَوْتِ الْمُبَرِّئِ. وَأَنَّ الْأَوَّلَ أَصَحُّ. لِأَنَّهُ إسْقَاطٌ. وَقَدَّمَ الْحَارِثِيُّ مَا قَالَهُ الْحَلْوَانِيُّ، وَقَالَ: إنَّهُ أَصَحُّ.
الْخَامِسَةُ: لَا يَصِحُّ الْإِبْرَاءُ مِنْ الدَّيْنِ قَبْلَ وُجُوبِهِ. ذَكَرَهُ الْأَصْحَابُ. نَقَلَهُ الْحَلْوَانِيُّ عَنْهُ. وَجَزَمَ جَمَاعَةٌ: بِأَنَّهُ تَمْلِيكٌ. وَمَنَعَ بَعْضُهُمْ: أَنَّهُ إسْقَاطٌ، وَأَنَّهُ لَا يَصِحُّ بِلَفْظِ الْإِسْقَاطِ، وَإِنْ سَلَّمْنَاهُ: فَكَأَنَّهُ مَلَّكَهُ إيَّاهُ، ثُمَّ سَقَطَ. وَمَنَعَ أَيْضًا: أَنَّهُ لَا يُعْتَبَرُ قَبُولُهُ. وَإِنْ سَلَّمْنَاهُ: فَلِأَنَّهُ لَيْسَ مَالًا بِالنِّسْبَةِ إلَى مَنْ هُوَ عَلَيْهِ. وَقَالَ: الْعَفْوُ عَنْ دَمِ الْعَمْدِ تَمْلِيكٌ أَيْضًا.
وَفِي صَحِيحِ مُسْلِمٍ " أَنَّ أَبَا الْيَسْرِ الصَّحَابِيَّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - قَالَ لِغَرِيمِهِ: إذَا وَجَدْت قَضَاءً فَاقْضِ. وَإِلَّا فَأَنْتَ فِي حِلٍّ ".
وَأَعْلَمَ بِهِ الْوَلِيدَ بْنَ عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -، وَابْنَهُ، وَهُمَا تَابِعِيَّانِ. فَلَمْ يُنْكِرَاهُ. قَالَ فِي الْفُرُوعِ: وَهَذَا مُتَّجِهٌ. وَاخْتَارَهُ شَيْخُنَا.
السَّادِسَةُ: لَوْ تَبَارَآ. وَكَانَ لِأَحَدِهِمَا عَلَى الْآخَرِ دَيْنٌ مَكْتُوبٌ. فَادَّعَى اسْتِثْنَاءَهُ بِقَلْبِهِ، وَلَمْ يُبَرِّئْهُ مِنْهُ: قُبِلَ قَوْلُهُ. وَلِخَصْمِهِ تَحْلِيفُهُ. ذَكَرَهُ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ - رَحِمَهُ اللَّهُ -. قَالَ فِي الْفُرُوعِ: وَتَتَوَجَّهُ الرِّوَايَتَانِ فِي مُخَالَفَةِ النِّيَّةِ لِلْعَامِّ بِأَيِّهِمَا يُعْمَلُ.
السَّابِعَةُ: قَالَ الْقَاضِي مُحِبُّ الدِّينِ بْنُ نَصْرِ اللَّهِ فِي حَوَاشِي الْفُرُوعِ الْإِبْرَاءُ مِنْ الْمَجْهُولِ: عِنْدَنَا صَحِيحٌ. لَكِنْ هَلْ هُوَ عَامٌّ فِي جَمِيعِ الْحُقُوقِ، أَوْ خَاصٌّ بِالْأَمْوَالِ؟ ظَاهِرُ كَلَامِهِمْ: أَنَّهُ عَامٌّ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute