فَتَصِحُّ فِي الْأُولَى، وَلَا تَصِحُّ فِي الثَّانِيَةِ. وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأَصْحَابِ. وَقِيلَ: تَصِحُّ فِي الثَّانِيَةِ أَيْضًا. اخْتَارَهُ الْمُصَنِّفُ، وَالشَّارِحُ، وَصَاحِبُ الْفَائِقِ. وَيَأْتِي النَّصَّانِ فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ، فِي بَابِ حُكْمِ كِتَابِ الْقَاضِي إلَى الْقَاضِي.
تَنْبِيهٌ: مَعْنَى قَوْلِ الْإِمَامِ أَحْمَدَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - فِيمَنْ كَتَبَ وَصِيَّتَهُ وَخَتَمَهَا وَقَالَ " اشْهَدُوا بِمَا فِيهَا " أَنَّهَا لَا تَصِحُّ. أَيْ لَا تَصِحُّ شَهَادَتُهُمْ عَلَى ذَلِكَ. قُلْنَا: الْعَمَلُ بِخَطِّهِ فِي هَذِهِ الْوَصِيَّةِ، فَحَيْثُ عُلِمَ خَطُّهُ إمَّا بِإِقْرَارٍ، أَوْ بِبَيِّنَةٍ فَإِنَّهُ يُعْمَلُ بِهَا كَالْأُولَى. بَلْ هِيَ مِنْ أَفْرَادِ الْعَمَلِ بِالْخَطِّ فِي الْوَصِيَّةِ. نَبَّهَ عَلَى ذَلِكَ شَيْخُنَا فِي حَوَاشِي الْفُرُوعِ. وَهُوَ وَاضِحٌ. قُلْت: فِي كَلَامِ الزَّرْكَشِيّ إيمَاءٌ إلَى ذَلِكَ. فَإِنَّهُ قَالَ: وَقَدْ يُفَرَّقُ بِأَنَّ شَرْطَ الشَّهَادَةِ: الْعِلْمُ. وَمَا فِي الْوَصِيَّةِ وَالْحَالُ هَذِهِ غَيْرُ مَعْلُومٍ. أَمَّا لَوْ وَقَعَتْ الْوَصِيَّةُ، عَلَى أَنَّهُ لَوْ وَصَّى: فَلَيْسَ فِي نَصِّ الْإِمَامِ أَحْمَدَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - مَا يَمْنَعُهُ. ثُمَّ بَعْدَ ذَلِكَ يُعْمَلُ بِالْخَطِّ بِشَرْطِهِ. انْتَهَى.
قَوْلُهُ (وَالْوَصِيَّةُ مُسْتَحَبَّةٌ) . هَذَا الْمَذْهَبُ فِي الْجُمْلَةِ. وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأَصْحَابِ. وَقَطَعَ بِهِ كَثِيرٌ مِنْهُمْ. وَعَنْهُ: تَجِبُ لِقَرِيبٍ غَيْرِ وَارِثٍ. اخْتَارَهُ أَبُو بَكْرٍ. وَنَقَلَ فِي التَّبْصِرَةِ عَنْ أَبِي بَكْرٍ: وُجُوبَهَا لِلْمَسَاكِينِ، وَوُجُوهِ الْبِرِّ. قَوْلُهُ (لِمَنْ تَرَكَ خَيْرًا. وَهُوَ الْمَالُ الْكَثِيرُ) . يَعْنِي: فِي عُرْفِ النَّاسِ، عَلَى الصَّحِيحِ مِنْ الْمَذْهَبِ. قَدَّمَهُ فِي الْفُرُوعِ، وَالرِّعَايَتَيْنِ، وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ. وَقَطَعَ بِهِ ابْنُ عَبْدُوسٍ فِي تَذْكِرَتِهِ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute