قُلْت: وَفِي هَذِهِ الْمُعَايَاةِ نَظَرٌ ظَاهِرٌ. قَالَ فِي النُّكَتِ: وَيَمْنَعُ صِحَّةَ الطَّهَارَةِ بِهِ. صَرَّحَ بِهِ غَيْرُ وَاحِدٍ. قُلْت: صَرَّحَ بِهِ الْمُصَنِّفُ فِي الْكَافِي، وَالْمُغْنِي، وَالشَّارِحُ، وَابْنُ حَمْدَانَ فِي رِعَايَتِهِ الْكُبْرَى، وَصَاحِبُ الْفَائِقِ، وَالْفُرُوعِ، وَالْحَاوِي الْكَبِيرِ، وَغَيْرِهِمْ. وَيَأْتِي قَرِيبًا وَجْهٌ: أَنَّهَا إذَا تَوَضَّأَتْ لَا تُمْنَعُ مِنْ اللُّبْثِ فِي الْمَسْجِدِ، وَهُوَ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ الْوُضُوءَ مِنْهَا: يُفِيدُ حُكْمًا. وَتَقَدَّمَ: هَلْ يَصِحُّ الْغُسْلُ مَعَ قِيَامِ الْحَيْضِ؟ فِي بَابِ الْغُسْلِ.
قَوْلُهُ (وَقِرَاءَةِ الْقُرْآنِ) . تُمْنَعُ الْحَائِضُ مِنْ قِرَاءَةِ الْقُرْآنِ مُطْلَقًا عَلَى الصَّحِيحِ مِنْ الْمَذْهَبِ. وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأَصْحَابِ، وَقَطَعَ بِهِ كَثِيرٌ مِنْهُمْ. وَقِيلَ: لَا تُمْنَعُ مِنْهُ، وَحَكَى رِوَايَةً. قَالَ فِي الرِّعَايَةِ: وَهُوَ بَعِيدُ الْأَثَرِ، وَاخْتَارَهُ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ. وَمَنَعَ مِنْ قِرَاءَةِ الْجُنُبِ. وَقَالَ: إنْ ظَنَّتْ نِسْيَانَهُ وَجَبَتْ الْقِرَاءَةُ، وَاخْتَارَهُ أَيْضًا فِي الْفَائِقِ. وَنَقَلَ الشَّالَنْجِيُّ: كَرَاهَةَ الْقِرَاءَةِ لَهَا وَلِلْجُنُبِ.
وَعَنْهُ لَا يَقْرَآنِ، وَهِيَ أَشَدُّ. فَعَلَى الْمَذْهَبِ: تَقَدَّمَ تَفَاصِيلُ مَا يَقْرَأُ مَنْ لَزِمَهُ الْغُسْلُ، وَهِيَ مِنْهُمْ، فِي أَثْنَاءِ بَابِهِ، فَلْيُعَاوَدْ. قَوْلُهُ (وَاللُّبْثُ فِي الْمَسْجِدِ) . تُمْنَعُ الْحَائِضُ مِنْ اللُّبْثِ فِي الْمَسْجِدِ مُطْلَقًا، عَلَى الصَّحِيحِ مِنْ الْمَذْهَبِ. وَعَلَيْهِ جُمْهُورُ الْأَصْحَابِ. وَقِيلَ: لَا تُمْنَعُ إذَا تَوَضَّأَتْ وَأَمِنَتْ التَّلْوِيثَ، وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ فِي بَابِ الْغُسْلِ، حَيْثُ قَالَ " وَمَنْ لَزِمَهُ الْغُسْلُ حَرُمَ عَلَيْهِ قِرَاءَةُ آيَةٍ. وَيَجُوزُ لَهُ الْعُبُورُ فِي الْمَسْجِدِ. وَيَحْرُمُ عَلَيْهِ اللُّبْثُ فِيهِ، إلَّا أَنْ يَتَوَضَّأَ " فَظَاهِرُهُ: دُخُولُ الْحَائِضِ فِي هَذِهِ الْعِبَارَةِ، لَكِنْ نَقُولُ: عُمُومُ ذَلِكَ اللَّفْظِ مَخْصُوصٌ بِمَا هُنَا وَأَطْلَقَهُمَا فِي الرِّعَايَتَيْنِ، وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ.
تَنْبِيهٌ:
ظَاهِرُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ. أَنَّهَا لَا تُمْنَعُ مِنْ الْمُرُورِ مِنْهُ، وَهُوَ الْمَذْهَبُ مُطْلَقًا إذَا أَمِنَتْ التَّلْوِيثَ. وَقِيلَ: تُمْنَعُ مِنْ الْمُرُورِ. وَحَكَى رِوَايَةً. وَأَطْلَقَهُمَا فِي الرِّعَايَةِ. وَقِيلَ: لَهَا الْعُبُورُ لِتَأْخُذَ شَيْئًا، كَمَاءٍ وَحَصِيرٍ وَنَحْوِهَا. لَا لِتَتْرُكَ فِيهِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute