فَإِنْ كَانَ اجْتِمَاعًا بِالْأَبْدَانِ: فَهُوَ الْإِيلَاجُ الَّذِي لَيْسَ بَعْدَهُ غَايَةٌ فِي اجْتِمَاعِ الْبَدَنَيْنِ. وَإِنْ كَانَ اجْتِمَاعًا بِالْعُقُودِ: فَهُوَ الْجَمْعُ بَيْنَهُمَا عَلَى الدَّوَامِ وَاللُّزُومِ. وَلِهَذَا يُقَالُ: اسْتَنْكَحَهُ الْمَذْيُ، إذَا لَازَمَهُ وَدَاوَمَهُ. انْتَهَى.
وَمَعْنَاهُ فِي الشَّرْعِ: عَقْدُ التَّزْوِيجِ. فَهُوَ حَقِيقَةٌ فِي الْعَقْدِ، مَجَازٌ فِي الْوَطْءِ. عَلَى الصَّحِيحِ. اخْتَارَهُ الْمُصَنِّفُ، وَالشَّارِحُ، وَابْنُ عَقِيلٍ، وَابْنُ الْبَنَّا. وَالْقَاضِي فِي التَّعْلِيقِ فِي كَوْنِ الْمَحْرَمِ لَا يُنْكَحُ، لَمَا قِيلَ لَهُ، إنَّ النِّكَاحَ حَقِيقَةٌ فِي الْوَطْءِ قَالَ: إنْ كَانَ فِي اللُّغَةِ حَقِيقَةً فِي الْوَطْءِ، فَهُوَ فِي عُرْفِ الشَّرْعِ لِلْعَقْدِ. قَالَهُ الزَّرْكَشِيُّ. وَجَزَمَ بِهِ الْحَلْوَانِيُّ، وَأَبُو يَعْلَى الصَّغِيرُ. قَالَهُ فِي الْفُرُوعِ. قَالَ الْحَلْوَانِيُّ: هُوَ فِي الشَّرِيعَةِ عِبَارَةٌ عَنْ الْعَقْدِ بِأَوْصَافِهِ، وَفِي اللُّغَةِ: عِبَارَةٌ عَنْ الْجَمْعِ. وَهُوَ الْوَطْءُ. قَالَ ابْنُ عَقِيلٍ: الصَّحِيحُ أَنَّهُ مَوْضُوعٌ لِلْجَمْعِ. وَهُوَ فِي الشَّرِيعَةِ فِي الْعَقْدِ أَظْهَرُ اسْتِكْمَالًا. وَلَا نَقُولُ: إنَّهُ مَنْقُولٌ. نَقَلَهُ ابْنُ خَطِيبِ السَّلَامِيَّةِ فِي تَعْلِيقِهِ عَلَى الْمُحَرَّرِ. وَقَدَّمَهُ ابْنُ مُنَجَّا فِي شَرْحِهِ، وَصَاحِبُ الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى، وَالْفُرُوعِ. وَذَلِكَ لِأَنَّهُ أَشْهَرُ فِي الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ. وَلَيْسَ فِي الْكِتَابِ لَفْظُ " النِّكَاحِ " بِمَعْنَى الْوَطْءِ، إلَّا قَوْله تَعَالَى {حَتَّى تَنْكِحَ زَوْجًا غَيْرَهُ} [البقرة: ٢٣٠] عَلَى الْمَشْهُورِ. وَلِصِحَّةِ نَفْيِهِ عَنْ الْوَطْءِ، فَيُقَالُ: هَذَا سِفَاحٌ، وَلَيْسَ بِنِكَاحٍ. وَصِحَّةُ النَّفْيِ: دَلِيلُ الْمَجَازِ. وَقِيلَ: هُوَ حَقِيقَةٌ فِي الْوَطْءِ، مَجَازٌ فِي الْعَقْدِ. اخْتَارَهُ الْقَاضِي فِي أَحْكَامِ الْقُرْآنِ، وَشَرْحِ الْخِرَقِيِّ، وَالْعُمْدَةِ. وَأَبُو الْخَطَّابِ فِي الِانْتِصَارِ، وَصَاحِبُ عُيُونِ الْمَسَائِلِ، وَأَبُو يَعْلَى الصَّغِيرُ. قَالَهُ الزَّرْكَشِيُّ، وَابْنُ خَطِيبِ السَّلَامِيَّةِ. لِمَا تَقَدَّمَ عَنْ الْأَزْهَرِيِّ، وَغُلَامِ ثَعْلَبٍ. وَالْأَصْلُ عَدَمُ النَّقْلِ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute