بِانْفِرَادِهِ حَقِيقَةً، بِخِلَافِ الْمُتَوَاطِئِ. فَإِنَّهُ لَا يُقَالُ حَقِيقَةً إلَّا عَلَيْهِمَا مُجْتَمَعَيْنِ لَا غَيْرُ. وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
وَقَالَ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ - رَحِمَهُ اللَّهُ -: هُوَ فِي الْإِثْبَاتِ لَهُمَا، وَفِي النَّهْيِ لِكُلٍّ مِنْهُمَا. بِنَاءً عَلَى أَنَّهُ إذَا نُهِيَ عَنْ شَيْءٍ نُهِيَ عَنْ بَعْضِهِ. وَالْأَمْرُ بِهِ أَمْرٌ بِكُلِّهِ، فِي الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ وَالْكَلَامِ. فَإِذَا قِيلَ مَثَلًا " انْكِحْ ابْنَةَ عَمِّك " كَانَ الْمُرَادُ الْعَقْدَ وَالْوَطْءَ. وَإِذَا قِيلَ " لَا تَنْكِحْهَا " تَنَاوَلَ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا.
الثَّانِيَةُ: قَالَ الْقَاضِي: الْمَعْقُودُ عَلَيْهِ فِي النِّكَاحِ: الْمَنْفَعَةُ، أَيْ الِانْتِفَاعُ بِهَا، لَا مِلْكُهَا. وَجَزَمَ بِهِ فِي الْفُرُوعِ. قَالَ الْقَاضِي أَبُو الْحُسَيْنِ فِي فُرُوعِهِ: وَاَلَّذِي يَقْتَضِيهِ مَذْهَبُنَا: أَنَّ الْمَعْقُودَ عَلَيْهِ فِي النِّكَاحِ مَنْفَعَةُ الِاسْتِمْتَاعِ، وَأَنَّهُ فِي حُكْمِ مَنْفَعَةِ الِاسْتِخْدَامِ. قَالَ صَاحِبُ الْوَسِيلَةِ: الْمَعْقُودُ عَلَيْهِ مَنْفَعَةُ الِاسْتِمْتَاعِ. وَقَالَ الْقَاضِي فِي أَحْكَامِ الْقُرْآنِ: الْمَعْقُودُ عَلَيْهِ الْحِلُّ، لَا مِلْكُ الْمَنْفَعَةِ. قَالَ فِي الْقَاعِدَةِ السَّادِسَةِ وَالثَّمَانِينَ: تَرَدَّدَتْ عِبَارَاتُ الْأَصْحَابِ فِي مَوْرِدِ عَقْدِ النِّكَاحِ: هَلْ هُوَ الْمِلْكُ، أَوْ الِاسْتِبَاحَةُ؟ فَمِنْ قَائِلٍ: هُوَ الْمِلْكُ. ثُمَّ تَرَدَّدُوا: هَلْ هُوَ مِلْكُ مَنْفَعَةِ الْبُضْعِ، أَوْ مِلْكُ الِانْتِفَاعِ بِهَا؟ وَقِيلَ: بَلْ هُوَ الْحِلُّ لَا الْمِلْكُ. وَلِهَذَا يَقَعُ الِاسْتِمْتَاعُ مِنْ جِهَةِ الزَّوْجَةِ، مَعَ أَنَّهُ لَا مِلْكَ لَهَا. وَقِيلَ: بَلْ الْمَعْقُودُ عَلَيْهِ: الِازْدِوَاجُ، كَالْمُشَارَكَةِ. وَلِهَذَا فَرَّقَ اللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى بَيْنَ الِازْدِوَاجِ وَمِلْكِ الْيَمِينِ. وَإِلَيْهِ مَيْلُ الشَّيْخِ تَقِيِّ الدِّينِ - رَحِمَهُ اللَّهُ -. فَيَكُونُ مِنْ بَابِ الْمُشَارَكَاتِ، لَا الْمُعَاوَضَاتِ.
قَوْلُهُ (النِّكَاحُ سُنَّةٌ) .
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute