وَكَذَلِكَ أَطْلَقَهُ الْقَاضِي أَبُو يَعْلَى الصَّغِيرُ فِي مُفْرَدَاتِهِ، وَأَبُو الْحُسَيْنِ، وَصَاحِبُ الْوَسِيلَةِ. وَقَدْ وَقَعَ ذَلِكَ فِي كَلَامِ الْإِمَامِ أَحْمَدَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - لَمَّا سُئِلَ عَنْ التَّزْوِيجِ؟ فَقَالَ: أَرَاهُ وَاجِبًا. وَأَشَارَ إلَى هَذَا أَبُو الْبَرَكَاتِ، حَيْثُ قَالَ: وَعَنْهُ الْوُجُوبُ مُطْلَقًا. قُلْت: وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ هُنَا، وَصَاحِبِ الْهِدَايَةِ، وَالْمُذْهَبِ، وَالْخُلَاصَةِ، وَغَيْرِهِمْ. قُلْت: وَهُوَ ضَعِيفٌ جِدًّا فِيمَنْ لَا شَهْوَةَ لَهُ. قَالَ: وَمِنْهُمْ مَنْ خَصَّ الْوُجُوبَ بِمَنْ يَجِدُ الطَّوْلَ، وَيَخَافُ الْعَنَتَ. قَالَ فِي الْمُسْتَوْعِبِ: فَهَذَا يَجِبُ عَلَيْهِ النِّكَاحُ رِوَايَةً وَاحِدَةً. كَذَا قَالَ فِي التَّرْغِيبِ، وَابْنُ الْجَوْزِيِّ، وَأَبُو الْبَرَكَاتِ. وَعَلَيْهَا حَمَلَ الْقَاضِي إطْلَاقَ الْإِمَامِ أَحْمَدَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - وَأَبِي بَكْرٍ.
قُلْت: وَقَيَّدَهُ ابْنُ عَقِيلٍ بِذَلِكَ أَيْضًا. وَأَنَّ الشَّيْخَ تَقِيَّ الدِّينِ - رَحِمَهُ اللَّهُ - قَالَ: وَظَاهِرُ كَلَامِ أَحْمَدَ وَالْأَكْثَرِينَ: أَنَّ ذَلِكَ غَيْرُ مُعْتَبَرٍ. وَاخْتَارَ ابْنُ حَامِدٍ: عَدَمَ الْوُجُوبِ حَتَّى فِي هَذِهِ الْحَالَةِ. قُلْت: الَّذِي يَظْهَرُ أَنَّ هَذَا خَطَأٌ مِنْ النَّاقِلِ عَنْهُ. وَمِنْ أَصْحَابِنَا: مَنْ أَجْرَى الْخِلَافَ فِيهِ. فَحَكَى ابْنُ عَقِيلٍ فِي التَّذْكِرَةِ فِي وُجُوبِ النِّكَاحِ عَلَى مَنْ يَخَافُ الْعَنَتَ وَيَجِدُ الطَّوْلَ رِوَايَتَيْنِ. وَمِنْهُمْ: مَنْ جَعَلَ مَحِلَّ الْوُجُوبِ فِي الصُّورَةِ الْأُولَى، وَهَذِهِ الصُّورَةِ. وَمِنْهُمْ: مَنْ جَعَلَ الْخِلَافَ فِي الصُّورَةِ الثَّانِيَةِ، وَهُوَ مَنْ يَجِدُ الطَّوْلَ، وَلَا يَخَافُ الْعَنَتَ وَلَهُ شَهْوَةٌ. فَهَاهُنَا جَعَلَ مَحِلَّ الْخِلَافِ غَيْرُ وَاحِدٍ. وَحَكَوْا فِيهِ رِوَايَتَيْنِ. وَهَذِهِ طَرِيقَةُ الْقَاضِي، وَأَبِي الْبَرَكَاتِ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute