للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ذَكَرَ الْقَاضِي: أَنَّ الْوَلَدَ يَنْعَقِدُ رَقِيقًا؛ لِأَنَّ وَطْأَهُ بِعَقْدِ النِّكَاحِ لَيْسَ تَصَرُّفًا فِي مَالِ وَلَدِهِ بِحُكْمِ الْأُبُوَّةِ، بَلْ هُوَ تَصَرُّفٌ بِعَقْدٍ يُشَارِكُهُ فِيهِ الْأَجَانِبُ. فَيَنْعَقِدُ الْوَلَدُ رَقِيقًا، وَلَا تَصِيرُ مُسْتَوْلَدَةً. قَالَ: وَهَذَا مَعَ الْقَوْلِ بِصِحَّةِ النِّكَاحِ ظَاهِرٌ. وَأَمَّا مَعَ ظَنِّ صِحَّتِهِ: فَفِيهِ نَظَرٌ. وَأَمَّا مَعَ الْعِلْمِ بِبُطْلَانِهِ: فَبَعِيدٌ جِدًّا. وَتَرَدَّدَ ابْنُ عَقِيلٍ فِي فُنُونِهِ فِي ثُبُوتِ حُرِّيَّةِ الْوَلَدِ وَاسْتِيلَادِهِ، كَتَرَدُّدِهِ فِي حُكْمِ النِّكَاحِ. وَاسْتَشْكَلَ الْقَوْلُ بِبُطْلَانِهِ مَعَ رِقِّ الْوَلَدِ وَعَدَمِ الِاسْتِيلَادِ. وَكَانَ أَوَّلًا أَفْتَى بِالرِّقِّ وَعَدَمِ ثُبُوتِ الِاسْتِيلَادِ، مُسْتَنِدًا إلَى صِحَّةِ النِّكَاحِ. قَالَ ابْنُ رَجَبٍ: وَهَذَا يَقْتَضِي أَنَّهُ إذَا حُكِمَ بِفَسَادِ النِّكَاحِ لَزِمَ حُرِّيَّةُ الْوَلَدِ وَاسْتِيلَادُ أُمِّهِ. قَالَ: وَهُوَ أَظْهَرُ، كَمَا لَوْ نَكَحَ أَحَدُ الشَّرِيكَيْنِ الْأَمَةَ الْمُشْتَرَكَةَ ثُمَّ اسْتَوْلَدَهَا. وَحِينَئِذٍ يَصِيرُ مَأْخَذُ الْمَنْعِ مِنْ النِّكَاحِ مُعَرَّضًا لِلِانْفِسَاخِ بِحُصُولِ الْوَلَدِ الَّذِي هُوَ مَقْصُودُ الْعَقْدِ. فَلَا يَصِحُّ. انْتَهَى.

تَنْبِيهٌ:

ظَاهِرُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ وَغَيْرِهِ: جَوَازُ تَزْوِيجِ الِابْنِ بِأَمَةِ وَالِدِهِ. وَهُوَ صَحِيحٌ. وَهُوَ الْمَذْهَبُ. وَعَلَيْهِ الْجُمْهُورُ. وَجَزَمَ بِهِ الْوَجِيزُ، وَغَيْرُهُ. وَصَحَّحَهُ فِي الْفُرُوعِ، وَغَيْرِهِ. وَقِيلَ: لَا يَجُوزُ. فَعَلَى الْمَذْهَبِ: لَوْ تَزَوَّجَهَا، ثُمَّ قَالَ لَهَا: إذَا مَاتَ أَبِي فَأَنْتِ طَالِقٌ. ثُمَّ مَاتَ الْأَبُ: فَهَلْ يَقَعُ الطَّلَاقُ؟ فِيهِ وَجْهَانِ.

أَحَدُهُمَا: يَقَعُ. اخْتَارَهُ الْقَاضِي فِي الْجَامِعِ، وَالْخِلَافِ، وَابْنُ عَقِيلٍ فِي عُمَدِ. الْأَدِلَّةِ، وَأَبُو الْخَطَّابِ؛ لِأَنَّ الْمَوْتَ يَتَرَتَّبُ عَلَيْهِ وُقُوعُ الطَّلَاقِ. وَالْمِلْكُ سَبَقَ انْفِسَاخَ النِّكَاحِ. فَقَدْ سَبَقَ نُفُوذُ الطَّلَاقِ الْفَسْخَ، فَنَفَذَ.

<<  <  ج: ص:  >  >>