للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَهَذَا مِمَّا يُقَوِّي طَرِيقَةَ مَنْ فَرَّقَ بَيْنَ أَنْ يَكُونَ التَّحْرِيمُ لِعَيْنِ الْمَرْأَةِ، أَوْ لِوَصْفٍ لِأَنَّ تَرَتُّبَ هَذِهِ الْأَحْكَامِ عَلَى نِكَاحِ الْمَحَارِمِ بَعِيدٌ جِدًّا. وَقَدْ أَطْلَقَ أَبُو بَكْرٍ، وَابْنُ أَبِي مُوسَى وَغَيْرُهُمَا: صِحَّةَ أَنْكِحَتِهِمْ، مَعَ تَصْرِيحِهِمْ بِأَنَّهُ لَا يَحْصُلُ الْإِحْصَانُ بِنِكَاحِ ذَوَاتِ الْمَحَارِمِ. وَقَالَ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - أَيْضًا: رَأَيْت لِأَصْحَابِنَا فِي أَنْكِحَتِهِمْ أَرْبَعَةَ أَقْوَالٍ:

أَحَدُهَا: هِيَ صَحِيحَةٌ. وَقَدْ يُقَالُ: هِيَ فِي حُكْمِ الصِّحَّةِ. وَالثَّانِي: مَا أُقِرُّوا عَلَيْهِ فَهُوَ صَحِيحٌ، وَمَا لَمْ يُقَرُّوا عَلَيْهِ فَهُوَ فَاسِدٌ. وَهُوَ قَوْلُ الْقَاضِي فِي الْجَامِعِ، وَابْنِ عَقِيلٍ، وَأَبِي مُحَمَّدٍ. وَالثَّالِثُ: مَا أَمْكَنَ إقْرَارُهُمْ عَلَيْهِ فَهُوَ صَحِيحٌ، وَمَا لَا فَلَا. وَالرَّابِعُ: أَنَّ كُلَّ مَا فَسَدَ مِنْ مَنَاكِحِ الْمُسْلِمِينَ: فَسَدَ مِنْ نِكَاحِهِمْ. وَهُوَ قَوْلُ الْقَاضِي فِي الْمُجَرَّدِ. انْتَهَى.

قَوْلُهُ (وَإِنْ كَانَ فِي أَثْنَائِهِ يَعْنِي: إذَا أَسْلَمُوا وَتَرَافَعُوا إلَيْنَا فِي أَثْنَاءِ الْعَقْدِ لَمْ نَتَعَرَّضْ لِكَيْفِيَّةِ عَقْدِهِمْ، بَلْ إنْ كَانَتْ الْمَرْأَةُ مِمَّنْ لَا يَجُوزُ ابْتِدَاءُ نِكَاحِهَا، كَذَاتِ مَحْرَمِهِ، وَمَنْ هِيَ فِي عِدَّتِهَا، أَوْ شُرِطَ الْخِيَارُ فِي نِكَاحِهَا مَتَى شَاءَ، أَوْ مُدَّةً هُمَا فِيهَا، أَوْ مُطَلَّقَتِهِ ثَلَاثًا: فُرِّقَ بَيْنَهُمَا، وَإِلَّا أُقِرَّا عَلَى النِّكَاحِ) . إذَا أَسْلَمُوا أَوْ تَرَافَعُوا إلَيْنَا فِي أَثْنَاء الْعَقْدِ، وَالْمَرْأَةُ مِمَّنْ لَا يَجُوزُ ابْتِدَاءُ نِكَاحِهَا: فُرِّقَ بَيْنَهُمَا مُطْلَقًا. عَلَى الصَّحِيحِ مِنْ الْمَذْهَبِ. وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ. وَعَنْهُ: لَا يُفْسَخُ إلَّا مَعَ مُفْسِدٍ، مُؤَبَّدٍ أَوْ مُجْمَعٍ عَلَيْهِ. فَلَوْ تَزَوَّجَهَا، وَهِيَ فِي عِدَّتِهَا. وَأَسْلَمَا أَوْ تَرَافَعَا إلَيْنَا. فَإِنْ كَانَ تَزَوَّجَهَا فِي عِدَّةِ مُسْلِمٍ: فُرِّقَ بَيْنَهُمَا. بِلَا نِزَاعٍ.

<<  <  ج: ص:  >  >>