قَوْلُهُ (وَإِنْ فَعَلَ ذَلِكَ الزَّوْجُ، ثُمَّ طَلَّقَ قَبْلَ الدُّخُولِ: لَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ إلَّا نِصْفُ الْمُسَمَّى) وَهُوَ الْمَذْهَبُ. وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ. وَخَرَجَ وُجُوبُ الْمَهْرِ كَامِلًا مِنْ الرِّوَايَةِ الَّتِي قَالَ بِهَا الْقَاضِي قَبْلُ. قَالَ فِي الرِّعَايَةِ، قُلْت: وَيُحْتَمَلُ وُجُوبُهُ.
فَائِدَةٌ
قَالَ الْمُصَنِّفُ فِي فَتَاوِيهِ: لَوْ مَاتَ أَوْ طَلَّقَ مَنْ دَخَلَ بِهَا، فَوَضَعَتْ فِي يَوْمِهَا، ثُمَّ تَزَوَّجَتْ فِيهِ، وَطَلَّقَ قَبْلَ دُخُولِهِ، ثُمَّ تَزَوَّجَتْ فِي يَوْمِهَا مَنْ دَخَلَ بِهَا: فَقَدْ اسْتَحَقَّتْ فِي يَوْمٍ وَاحِدٍ بِالنِّكَاحِ مَهْرَيْنِ وَنِصْفًا. فَيُعَايَى بِهَا. قُلْت: وَيُتَصَوَّرُ أَنْ تَسْتَحِقَّ أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ: بِأَنْ تَطْلُقَ مِنْ الثَّالِثِ قَبْلَ الدُّخُولِ. وَكَذَا رَابِعٌ وَخَامِسٌ.
تَنْبِيهَانِ أَحَدُهُمَا: قَوْلُهُ (وَلِلْمَرْأَةِ مَنْعُ نَفْسِهَا حَتَّى تَقْبِضَ مَهْرَهَا) . مُرَادُهُ: الْمَهْرُ الْحَالُّ. وَهَذَا بِلَا نِزَاعٍ بَيْنَ الْأَصْحَابِ. وَنَقَلَهُ ابْنُ الْمُنْذِرِ اتِّفَاقًا. وَعَلَّلَهُ الْأَصْحَابُ بِأَنَّ الْمَنْفَعَةَ الْمَعْقُودَ عَلَيْهَا تَتْلَفُ بِالِاسْتِيفَاءِ فَإِذَا تَعَذَّرَ اسْتِيفَاءُ الْمَهْرِ عَلَيْهَا: لَمْ يُمْكِنْهَا اسْتِرْجَاعُ عِوَضِهَا، بِخِلَافِ الْمَبِيعِ.
الثَّانِي: هَذَا إذَا كَانَتْ تَصْلُحُ لِلِاسْتِمْتَاعِ. فَأَمَّا إنْ كَانَتْ لَا تَصْلُحُ لِذَلِكَ: فَالصَّحِيحُ مِنْ الْمَذْهَبِ: أَنَّ لَهَا الْمُطَالَبَةَ بِهِ أَيْضًا. اخْتَارَهُ ابْنُ حَامِدٍ وَغَيْرُهُ. وَقَدَّمَهُ فِي الْفُرُوعِ، وَغَيْرِهِ. وَرَجَّحَ الْمُصَنِّفُ فِي الْمُغَنِّي خِلَافَهُ. وَخَرَّجَهُ صَاحِبُ الْمُسْتَوْعِبِ، مِمَّا حَكَى الْآمِدِيُّ: أَنَّهُ لَا يَجِبُ الْبُدَاءَةُ بِتَسْلِيمِ الْمَهْرِ، بَلْ بِعَدْلٍ كَالثَّمَنِ الْمُعَيَّنِ. قَالَ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ - رَحِمَهُ اللَّهُ -: الْأَشْبَهُ عِنْدِي: أَنَّ الصَّغِيرَةَ تَسْتَحِقُّ الْمُطَالَبَةَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute