للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وَقِيلَ: لَا تَجِبُ إذَا سَكِرَ مُكْرَهًا. وَذَكَرَهُ الْقَاضِي فِي الْخِلَافِ قِيَاسَ الْمَذْهَبِ. وَتَجِبُ عَلَى مَنْ زَالَ عَقْلُهُ بِمَرَضٍ بِلَا نِزَاعٍ. فَعَلَى الْمَذْهَبِ: لَوْ جُنَّ مُتَّصِلًا بِكُرْهٍ فَفِي وُجُوبِهَا عَلَيْهِ زَمَنَ جُنُونِهِ احْتِمَالَانِ. وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْفُرُوعِ. وَهِيَ لِأَبِي الْمَعَالِي فِي النِّهَايَةِ. قُلْت: الَّذِي يَظْهَرُ: الْوُجُوبُ تَغْلِيظًا عَلَيْهِ، كَالْمُرْتَدِّ عَلَى مَا يَأْتِي قَرِيبًا. وَقَالَ ابْنُ تَمِيمٍ: وَيُبَاحُ مِنْ السَّمُومِ تَدَاوِيًا مَا الْغَالِبُ عَنْهُ السَّلَامَةُ فِي أَصَحِّ الْوَجْهَيْنِ، الثَّانِي: لَا يُبَاحُ كَمَا لَوْ كَانَ الْغَالِبُ مِنْهُ الْهَلَاكَ، وَهُوَ احْتِمَالٌ فِي الْمُغْنِي، وَاَلَّذِي قَدَّمَهُ وَصَحَّحَهُ فِيهِ: مَا صَحَّحَهُ ابْنُ تَمِيمٍ وَغَيْرُهُ. وَأَمَّا الْمُغْمَى عَلَيْهِ: فَالصَّحِيحُ مِنْ الْمَذْهَبِ: وُجُوبُهَا عَلَيْهِ مُطْلَقًا، نُصَّ عَلَيْهِ فِي رِوَايَةِ صَالِحٍ، وَابْنِ مَنْصُورٍ، وَأَبِي طَالِبٍ، وَبَكْرِ بْنِ مُحَمَّدٍ. كَالنَّائِمِ. وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأَصْحَابِ، وَهُوَ مِنْ الْمُفْرَدَاتِ. وَقِيلَ: لَا تَجِبُ عَلَيْهِ كَالْمَجْنُونِ، وَاخْتَارَهُ فِي الْفَائِقِ وَأَمَّا إذَا زَالَ عَقْلُهُ بِشُرْبِ دَوَاءٍ، يَعْنِي مُبَاحًا، فَالصَّحِيحُ مِنْ الْمَذْهَبِ: وُجُوبُ الصَّلَاةِ عَلَيْهِ. وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأَصْحَابِ. وَهِيَ مِنْ الْمُفْرَدَاتِ. وَقِيلَ: لَا تَجِبُ عَلَيْهِ. وَذَكَرَ الْقَاضِي وَجْهًا: أَنَّ الْإِغْمَاءَ بِتَنَاوُلِ الْمُبَاحِ يُسْقِطُ الْوُجُوبَ، وَالْإِغْمَاءَ بِالْمَرَضِ لَا يُسْقِطُهُ؛ لِأَنَّهُ رُبَّمَا امْتَنَعَ مِنْ شُرْبِ الدَّوَاءِ خَوْفًا مِنْ مَشَقَّةِ الْقَضَاءِ. فَتَفُوتُ مَصْلَحَتُهُ. وَقَالَ الْمُصَنِّفُ فِي الْمُغْنِي، وَمَنْ تَبِعَهُ: مَنْ شَرِبَ دَوَاءً فَزَالَ عَقْلُهُ بِهِ. فَإِنْ كَانَ زَوَالًا لَا يَدُومُ كَثِيرًا، فَهُوَ كَالْإِغْمَاءِ، وَإِنْ تَطَاوَلَ فَهُوَ كَالْمَجْنُونِ.

قَوْلُهُ (وَلَا تَجِبُ عَلَى كَافِرٍ) . الْكَافِرُ لَا يَخْلُو: إمَّا أَنْ يَكُونَ أَصْلِيًّا، أَوْ مُرْتَدًّا. فَإِنْ كَانَ أَصْلِيًّا: لَمْ تَجِبْ عَلَيْهِ، بِمَعْنَى أَنَّهُ إذَا أَسْلَمَ لَمْ يَقْضِهَا. وَهَذَا إجْمَاعٌ. وَأَمَّا وُجُوبُهَا، بِمَعْنَى أَنَّهُ مُخَاطَبٌ بِهَا: فَالصَّحِيحُ مِنْ الْمَذْهَبِ: أَنَّهُمْ مُخَاطَبُونَ بِفُرُوعِ الْإِسْلَامِ. وَعَلَيْهِ الْجُمْهُورُ. وَعَنْهُ لَيْسُوا بِمُخَاطَبِينَ بِهَا. وَعَنْهُ مُخَاطَبُونَ بِالنَّوَاهِي دُونَ الْأَوَامِرِ. قَالَ فِي الرِّعَايَةِ: وَلَا تَلْزَمُ كَافِرًا أَصْلِيًّا. وَعَنْهُ تَلْزَمُهُ، وَهِيَ أَصَحُّ. انْتَهَى وَمَحَلُّ ذَلِكَ أُصُولُ الْفِقْهِ.

<<  <  ج: ص:  >  >>