عَلَيْهِ جُنُونٌ فِي رِدَّتِهِ، فَالصَّحِيحُ مِنْ الْمَذْهَبِ: أَنَّهُ يَقْضِي مَا فَاتَهُ فِي حَالِ جُنُونِهِ؛ لِأَنَّ عَدَمَهُ رُخْصَةٌ تَخْفِيفًا، قَدَّمَهُ فِي الْفُرُوعِ، وَمُخْتَصَرِ ابْنِ تَمِيمٍ، وَابْنُ عُبَيْدَانَ، وَغَيْرُهُمْ، وَاخْتَارَهُ أَبُو الْمَعَالِي بْنُ مُنَجَّا وَغَيْرُهُ. قُلْت: فَيُعَايَى بِهَا. وَقِيلَ: لَا يَقْضِي كَالْحَائِضِ.
تَنْبِيهٌ: الْخِلَافُ الْمُتَقَدِّمُ فِي قَضَاءِ الصَّلَاةِ: جَارٍ فِي الزَّكَاةِ إنْ بَقِيَ مِلْكُهُ عَلَى مَا يَأْتِي وَكَذَا هُوَ جَارٍ فِي الصَّوْمِ. فَإِنْ لَزِمَتْهُ الزَّكَاةُ أَخَذَهَا الْإِمَامُ. وَيَنْوِي بِهَا لِلتَّعَذُّرِ، وَإِنْ لَمْ تَكُنْ قُرْبَةً كَسَائِرِ الْحُقُوقِ.
وَالْمُمْتَنِعُ مِنْ الزَّكَاةِ: كَالْمُمْتَنِعِ مِنْ أَدَاءِ الْحُقُوقِ. ذَكَرَهُ الْأَصْحَابُ، وَإِنْ أَسْلَمَ بَعْدَ أَخْذِ الْإِمَامِ. أَجْزَأَتْهُ ظَاهِرًا. وَفِيهِ بَاطِنًا وَجْهَانِ. وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْفُرُوعِ. قُلْت: الصَّوَابُ الْإِجْزَاءُ. وَقِيلَ: إنْ أَسْلَمَ قَضَاهَا عَلَى الْأَصَحِّ. وَلَا يَجْزِيهِ إخْرَاجُهُ حَالَ كُفْرِهِ، زَادَ غَيْرُ وَاحِدٍ مِنْ الْأَصْحَابِ: وَقِيلَ وَلَا قَبْلَهُ. قَالَهُ فِي الْفُرُوعِ. وَلَمْ أَفْهَمْ مَعْنَاهُ، إلَّا أَنْ يُرِيدَ أَنَّ إخْرَاجَهَا قَبْلَ الرِّدَّةِ مُرَاعًى. فَإِنْ اسْتَمَرَّ عَلَى الْإِسْلَامِ أَجْزَأَتْ، وَإِنْ ارْتَدَّ لَمْ تُجْزِهِ كَالْحَجِّ. وَيُحْتَمَلُ أَنْ يُرِيدَ إذَا عَجَّلَهَا قَبْلَ أَنْ يَرْتَدَّ ثُمَّ ارْتَدَّ وَحَالَ الْحَوْلُ عَلَيْهِ، وَهُوَ وَلَمْ يَنْقَطِعْ حَوْلُهُ بِرِدَّتِهِ فِيهِ. وَإِلَّا انْقَطَعَ. وَأَمَّا إعَادَةُ الْحَجِّ، إذَا فَعَلَهُ قَبْلَ رِدَّتِهِ، فَالصَّحِيحُ مِنْ الْمَذْهَبِ أَنَّهُ لَا يَلْزَمُهُ إعَادَتُهُ، نُصَّ عَلَيْهِ، قَالَ الْمَجْدُ فِي شَرْحِهِ: هَذَا هُوَ الصَّحِيحُ، قَالَ فِي تَجْرِيدِ الْعِنَايَةِ: وَلَا تَبْطُلُ عِبَادَاتُهُ فِي إسْلَامِهِ إذَا عَادَ. وَلَوْ الْحَجَّ عَلَى الْأَظْهَرِ، وَجَزَمَ بِهِ الْمُصَنِّفُ فِي هَذَا الْكِتَابِ فِي بَابِ حُكْمِ الْمُرْتَدِّ، وَصَحَّحَهُ الْقَاضِي وَالْمُوَفَّقُ. فِي شَرْحِ مَنَاسِكِ الْمُقْنِعِ. وَقَدَّمَهُ ابْنُ تَمِيمٍ، وَابْنُ عُبَيْدَانَ، وَالْحَاوِي الْكَبِيرُ، وَاخْتَارَهُ ابْنُ عَبْدُوسٍ فِي تَذْكِرَتِهِ. ذَكَرَهُ فِي بَابِ الْحَجِّ، وَنَصَّ عَلَى ذَلِكَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ. وَعَنْهُ يَلْزَمُهُ، جَزَمَ بِهِ ابْنُ عَقِيلٍ فِي الْفُصُولِ. ذَكَرَهُ فِي كِتَابِ الْحَجِّ، وَجَزَمَ بِهِ فِي الْجَامِعِ الصَّغِيرِ، وَالْإِفَادَاتِ. قَالَ أَبُو الْحَسَنِ الْجَوْزِيُّ وَجَمَاعَةٌ: يَبْطُلُ الْحَجُّ بِالرِّدَّةِ، وَاخْتَارَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute