قُلْت: لَيْسَ الْمُرَادُ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ مَا قَالَهُ صَاحِبُ الْفُرُوعِ. وَإِنَّمَا قَالَ: يَقْضِي عَلَى قَوْلٍ. وَهَذَا لَفْظُهُ " وَيَقْضِيهَا مَعَ زَوَالِ عَقْلِهِ بِنَوْمٍ كَذَا وَكَذَا " ثُمَّ قَالَ " أَوْ بِشُرْبِ دَوَاءٍ، ثُمَّ قَالَ وَقِيلَ مُحْرِمٍ، أَوْ أَبْلَهَ، وَعَنْهُ أَوْ مَجْنُونٍ " فَهُوَ إنَّمَا حَكَى الْقَضَاءَ فِي الْأَبْلَهِ قَوْلًا. فَهُوَ مُوَافِقٌ لِمَا قَالَهُ فِي الصَّوْمِ. فَمَا بَيْنَ كَلَامِهِ فِي الْمَوْضِعَيْنِ تَنَافٍ.
بَلْ كَلَامُهُ مُتَّفِقٌ فِيهِمَا، وَجَزَمَ بَعْضُ الْأَصْحَابِ: إنْ زَالَ عَقْلُهُ بِغَيْرِ جُنُونٍ لَمْ يَسْقُطْ، وَقَدَّمَهُ بَعْضُهُمْ. وَقَالَ فِي الْقَاعِدَةِ الثَّانِيَةِ بَعْدَ الْمِائَةِ: لَوْ ضُرِبَ رَأْسُهُ فَجُنَّ لَمْ يَجِبْ عَلَيْهِ الْقَضَاءُ عَلَى الصَّحِيحِ
. قَوْلُهُ (وَإِذَا صَلَّى الْكَافِرُ حُكِمَ بِإِسْلَامِهِ) . هَذَا الْمَذْهَبُ مُطْلَقًا، نُصَّ عَلَيْهِ. وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ. وَجَزَمَ بِهِ كَثِيرٌ مِنْهُمْ، وَهُوَ مِنْ مُفْرَدَاتِ الْمُذْهَبِ. وَذَكَرَ أَبُو مُحَمَّدٍ التَّمِيمِيُّ فِي شَرْحِ الْإِرْشَادِ: إنْ صَلَّى جَمَاعَةً حُكِمَ بِإِسْلَامِهِ، لَا إنْ صَلَّى مُنْفَرِدًا. وَقَالَهُ فِي الْفَائِقِ: وَهَلْ الْحُكْمُ لِلصَّلَاةِ. أَوْ لِتَضَمُّنِهَا الشَّهَادَةَ؟ فِيهِ وَجْهَانِ. ذَكَرَهُمَا ابْنُ الزَّاغُونِيِّ.
فَائِدَةٌ:
فِي صِحَّةِ صَلَاتِهِ فِي الظَّاهِرِ: وَجْهَانِ. وَفِي ابْنِ الزَّاغُونِيِّ رِوَايَتَيْنِ. وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْفُرُوعِ، وَجَزَمَ فِي الْمُسْتَوْعِبِ، وَالرِّعَايَتَيْنِ، وَتَذْكِرَةِ ابْنِ عَبْدُوسٍ وَغَيْرِهِمْ. بِإِعَادَةِ الصَّلَاةِ. قَالَ الْقَاضِي: صَلَاتُهُ بَاطِلَةٌ. ذَكَرَهُ فِي النُّكَتِ. قَالَ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ: شَرْطُ الصَّلَاةِ تَقَدُّمُ الشَّهَادَةِ الْمَسْبُوقَةِ بِالْإِسْلَامِ. فَإِذَا تَقَرَّبَ بِالصَّلَاةِ يَكُونُ بِهَا مُسْلِمًا، وَإِنْ كَانَ مُحْدِثًا. وَلَا يَصِحُّ الِائْتِمَامُ بِهِ، لِفَقْدِ شَرْطِهِ، لَا لِفَقْدِ الْإِسْلَامِ. وَعَلَى هَذَا عَلَيْهِ أَنْ يُعِيدَهَا. وَالْوَجْهُ الثَّانِي: تَصِحُّ فِي الظَّاهِرِ.
اخْتَارَهُ أَبُو الْخَطَّابِ. فَعَلَيْهِ تَصِحُّ إمَامَتُهُ عَلَى الصَّحِيحِ، نُصَّ عَلَيْهِ. وَقِيلَ تَصِحُّ. قَالَ أَبُو الْخَطَّابِ، الْأَصْوَبُ أَنَّهُ إنْ أَقَالَ بَعْدَ الْفَرَاغِ: إنَّمَا فَعَلْتهَا وَقَدْ اعْتَقَدَتْ الْإِسْلَامَ.
قُلْنَا صَلَاتُهُ صَحِيحَةٌ، وَصَلَاةُ مَنْ صَلَّى خَلْفَهُ، وَإِنْ قَالَ: فَعَلْتهَا تَهَزُّؤًا قَبِلْنَا مِنْهُ فِيمَا عَلَيْهِ مِنْ إلْزَامِ الْفَرَائِضِ. وَلَمْ نَقْبَلْ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute