وَاخْتَلَفَ فِيهِ كَلَامُهُ فِي الِانْتِصَارِ. وَظَاهِرُ كَلَامِ جَمَاعَةٍ: جَوَازُهُ. قَالَهُ فِي الْفُرُوعِ. قَوْلُهُ (فَإِنْ خَالَعَهَا بِغَيْرِ عِوَضٍ: لَمْ يَقَعْ، إلَّا أَنْ يَكُونَ طَلَاقًا. فَيَقَعُ رَجْعِيًّا) . يَعْنِي: إلَّا أَنْ يَنْوِيَ بِالْخُلْعِ الطَّلَاقَ. أَوْ نَقُولَ: الْخُلْعُ طَلَاقٌ.
تَنْبِيهٌ
فَعَلَى الرِّوَايَةِ الثَّانِيَةِ الَّتِي هِيَ اخْتِيَارُ الْخِرَقِيِّ وَمَنْ تَابَعَهُ لَا بُدَّ مِنْ السُّؤَالِ. وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ الْخِرَقِيِّ. فَإِنَّهُ قَالَ: وَلَوْ خَالَعَهَا عَلَى غَيْرِ عِوَضٍ، كَانَ خُلْعًا وَلَا شَيْءَ لَهُ.
قَالَ الْأَصْفَهَانِيُّ. مُرَادُهُ: مَا إذَا سَأَلَتْهُ. فَأَمَّا إذَا لَمْ تَسْأَلْهُ، وَقَالَ لَهَا " خَالَعْتُكِ " فَإِنَّهُ يَكُونُ كِنَايَةً فِي الطَّلَاقِ لَا غَيْرُ. انْتَهَى.
قَالَ أَبُو بَكْرٍ: لَا خِلَافَ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ: أَنَّ الْخُلْعَ مَا كَانَ مِنْ قِبَلِ النِّسَاءِ. فَإِذَا كَانَ مِنْ قِبَلِ الرِّجَالِ: فَلَا نِزَاعَ فِي أَنَّهُ طَلَاقٌ يَمْلِكُ بِهِ الرَّجْعَةَ. وَلَا يَكُونُ فَسْخًا. وَيَأْتِي بَعْدَ هَذَا مَا يَدُلُّ عَلَيْهِ.
فَائِدَةٌ
لَا يَحْصُلُ الْخُلْعُ بِمُجَرَّدِ بَذْلِ الْمَالِ وَقَبُولِهِ مِنْ غَيْرِ لَفْظِ الزَّوْجِ. فَلَا بُدَّ مِنْ الْإِيجَابِ وَالْقَبُولِ فِي الْمَجْلِسِ. قَالَ الْقَاضِي: هَذَا الَّذِي عَلَيْهِ شُيُوخُنَا الْبَغْدَادِيُّونَ. وَقَدْ أَوْمَأَ إلَيْهِ الْإِمَامُ أَحْمَدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ -. وَقَدَّمَهُ فِي الْمُغْنِي، وَالشَّرْحِ، وَالرِّعَايَتَيْنِ، وَالْفُرُوعِ، وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ. وَجَزَمَ بِهِ ابْنُ عَبْدُوسٍ فِي تَذْكِرَتِهِ. وَذَهَبَ أَبُو حَفْصٍ الْعُكْبَرِيُّ، وَابْنُ شِهَابٍ إلَى وُقُوعِ الْفُرْقَةِ بِقَبُولِ الزَّوْجِ لِلْعِوَضِ. وَأَفْتَى بِذَلِكَ ابْنُ شِهَابٍ بِعُكْبَرَا.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute