الثَّالِثَةِ " وَيَضِيقُ وَقْتُ الرَّابِعَةِ " قِيلَ فِي الْأُولَى: يَضِيقُ الْوَقْتُ عَنْ فِعْلِ الصَّلَاتَيْنِ. وَفِي الرِّوَايَةِ الثَّالِثَةِ: عَنْ فِعْلِ الصَّلَوَاتِ الْمَتْرُوكَةِ، وَقَدَّمَهُ فِي الْحَاوِيَيْنِ. وَقِيلَ: حَتَّى يَضِيقَ وَقْتُ الَّتِي دَخَلَ وَقْتُهَا عَنْ فِعْلِهَا فَقَطْ، قَدَّمَهُ فِي الرِّعَايَتَيْنِ.
فَائِدَتَانِ
إحْدَاهُمَا: الدَّاعِي لَهُ: هُوَ الْإِمَامُ أَوْ نَائِبُهُ. فَلَوْ تَرَكَ صَلَوَاتٍ كَثِيرَةً قَبْلَ الدُّعَاءِ لَمْ يَجِبْ قَتْلُهُ. وَلَا يَكْفُرُ عَلَى الصَّحِيحِ مِنْ الْمَذْهَبِ. وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأَصْحَابِ وَقَطَعَ بِهِ كَثِيرٌ مِنْهُمْ. وَكَذَا لَوْ تَرَكَ كَفَّارَةً أَوْ نَذْرًا. وَذَكَرَ الْآجُرِّيُّ: أَنَّهُ يَكْفُرُ بِتَرْكِ الصَّلَاةِ، وَلَوْ لَمْ يُدْعَ إلَيْهَا. قَالَ فِي الْفُرُوعِ: وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ جَمَاعَةٍ وَيَأْتِي كَلَامُهُ فِي الْمُسْتَوْعِبِ فِي بَابِ مَا يُفْسِدُ الصَّوْمَ، عِنْدَ قَوْلِهِ " أَوْ اغْتَسَلَ " يَعْنِي بَعْدَ أَنْ أَصْبَحَ.
الثَّانِيَةُ: اخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ: بِمَ كَفَرَ إبْلِيسُ؟ فَذَكَرَ أَبُو إِسْحَاقَ بْنُ شَاقِلَا: أَنَّهُ كَفَرَ بِتَرْكِ السُّجُودِ. لَا بِجُحُودِهِ. وَقِيلَ: كَفَرَ لِمُخَالَفَةِ الْأَمْرِ الشِّفَاهِيِّ مِنْ اللَّهِ تَعَالَى. فَإِنَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى خَاطَبَهُ بِذَلِكَ. قَالَ الشَّيْخُ بُرْهَانُ الدِّينِ: قَالَهُ صَاحِبُ الْفُرُوعِ فِي الِاسْتِعَاذَةِ لَهُ. وَقَالَ جُمْهُورُ الْعُلَمَاءِ: إنَّمَا كَفَرَ لِأَنَّهُ أَبَى وَاسْتَكْبَرَ، وَعَانَدَ، وَطَغَى وَأَصَرَّ، وَاعْتَقَدَ أَنَّهُ مُحِقٌّ فِي تَمَرُّدِهِ.
وَاسْتَدَلَّ بِأَنَّهُ (خَيْرٌ مِنْهُ) فَكَانَ تَرْكُهُ لِلسُّجُودِ تَسْفِيهًا لِأَمْرِ اللَّهِ تَعَالَى وَحِكْمَتِهِ. قَالَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ: إنَّمَا أُمِرَ بِالسُّجُودِ فَاسْتَكْبَرَ. وَكَانَ مِنْ الْكَافِرِينَ. وَالِاسْتِكْبَارُ كُفْرٌ. وَقَالَتْ الْخَوَارِجُ: كَفَرَ بِمَعْصِيَةِ اللَّهِ وَكُلُّ مَعْصِيَةٍ كُفْرٌ. وَهَذَا خِلَافُ الْإِجْمَاعِ.
قَوْلُهُ (وَلَا يُقْتَلُ حَتَّى يُسْتَتَابَ ثَلَاثًا) . حُكْمُ اسْتِتَابَتِهِ هُنَا: حُكْمُ اسْتِتَابَةِ الْمُرْتَدِّ، مِنْ الْوُجُوبِ وَعَدَمِهِ، نُصَّ عَلَيْهِ عَلَى مَا يَأْتِي إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى فِي بَابِهِ.
فَائِدَةٌ:
يَصِيرُ هَذَا الَّذِي كَفَرَ بِتَرْكِ الصَّلَاةِ مُسْلِمًا بِفِعْلِ الصَّلَاةِ عَلَى الصَّحِيحِ مِنْ الْمَذْهَبِ، نَقَلَ حَنْبَلٌ: تَوْبَتُهُ أَنْ يُصَلِّيَ. قَالَ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ: الْأَصْوَبُ:
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute