فَائِدَتَانِ:
إحْدَاهُمَا: يُكْرَهُ التَّثْوِيبُ فِي غَيْرِ أَذَانِ الْفَجْرِ. وَيُكْرَهُ بَعْدَ الْأَذَانِ أَيْضًا. وَيُكْرَهُ النِّدَاءُ بِالصَّلَاةِ بَعْدَ الْأَذَانِ وَالْأَشْهَرُ فِي الْمَذْهَبِ: كَرَاهَةُ نِدَاءِ الْأُمَرَاءِ بَعْدَ الْأَذَانِ، وَهُوَ قَوْلُهُ " الصَّلَاةُ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ " وَنَحْوُهُ. قَالَ فِي الْفُصُولِ: يُكْرَهُ ذَلِكَ، لِأَنَّهُ بِدْعَةٌ. وَيُحْتَمَلُ أَنْ يُخْرِجَهُ عَنْ الْبِدْعَةِ لِفِعْلِهِ زَمَنَ مُعَاوِيَةَ. انْتَهَى.
الثَّانِيَةُ: قَوْلُهُ (وَيُسْتَحَبُّ أَنْ يَتَرَسَّلَ فِي الْأَذَانِ وَيَحْدُرَ الْإِقَامَةَ) وَهَذَا بِلَا نِزَاعٍ. لَكِنْ قَالَ ابْنُ بَطَّةَ، وَأَبُو حَفْصٍ، وَغَيْرُهُمَا مِنْ الْأَصْحَابِ: إنَّهُ يَكُونُ فِي حَالِ تَرَسُّلِهِ وَحَدْرِهِ: لَا يَصِلُ الْكَلَامَ بَعْضَهُ بِبَعْضٍ مُعْرَبًا، بَلْ جَزْمًا وَإِسْكَانًا. وَحَكَاهُ ابْنُ بَطَّةَ عَنْ ابْنِ الْأَنْبَارِيِّ عَنْ أَهْلِ اللُّغَةِ. قَالَ: وَرُوِيَ عَنْ إبْرَاهِيمَ النَّخَعِيِّ أَنَّهُ قَالَ " شَيْئَانِ مَجْزُومَانِ، كَانُوا لَا يُعْرِبُونَهُمَا: الْأَذَانُ، وَالْإِقَامَةُ " قَالَ: وَقَالَ أَيْضًا " الْأَذَانُ جَزْمٌ " قَالَ الْمَجْدُ فِي شَرْحِهِ: مَعْنَاهُ: اسْتِحْبَابُ تَقْطِيعِ الْكَلِمَاتِ بِالْوَقْفِ عَلَى كُلِّ جُمْلَةٍ. فَيَحْصُلُ الْجَزْمُ وَالسُّكُونُ بِالْوَقْفِ، لَا أَنَّهُ مَعَ عَدَمِ الْوَقْفِ عَلَى الْجُمْلَةِ يَتْرُكُ إعْرَابَهَا، كَمَا قَالَ. انْتَهَى.
وَقَالَ ابْنُ تَمِيمٍ: وَيُسْتَحَبُّ أَنْ يَتَرَسَّلَ فِي الْأَذَانِ، وَيَحْدُرَ الْإِقَامَةَ، وَأَنْ يَقِفَ عَلَى كُلِّ كَلِمَةٍ. وَقَالَ ابْنُ بَطَّةَ: يُسْتَحَبُّ تَرْكُ الْإِعْرَابِ فِيهِمَا. قَالَ فِي الْفُرُوعِ: وَيَجْزِمُهُمَا، وَلَا يُعْرِبُهُمَا. وَكَذَا قَالَ غَيْرُهُ.
قَوْلُهُ " وَيُؤَذِّنُ قَائِمًا ". يَعْنِي: يُسْتَحَبُّ أَنْ يُؤَذِّنَ قَائِمًا. فَلَوْ أَذَّنَ أَوْ أَقَامَ قَاعِدًا، أَوْ رَاكِبًا لِغَيْرِ عُذْرٍ، أَوْ مَاشِيًا: جَازَ، وَيُكْرَهُ عَلَى الصَّحِيحِ مِنْ الْمَذْهَبِ. قَالَ الْمُصَنِّفُ، وَالشَّارِحُ، وَغَيْرُهُمَا: فَإِنْ أَذَّنَ قَاعِدًا لِغَيْرِ عُذْرٍ: فَقَدْ كَرِهَهُ أَهْلُ الْعِلْمِ. وَيَصِحُّ، وَهُوَ ظَاهِرُ مَا جَزَمَ بِهِ فِي الْوَجِيزِ لِغَيْرِ الْقَائِمِ وَقَدَّمَهُ ابْنُ تَمِيمٍ فِي الْجَمِيعِ. وَقَالَ أَحْمَدُ: إنْ أَذَّنَ قَاعِدًا لَا يُعْجِبُنِي وَجَزَمَ فِي التَّلْخِيصِ بِالْكَرَاهَةِ لِلْمَاشِي، وَبِعَدَمِهَا لِلرَّاكِبِ الْمُسَافِرِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute