للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فَقَالَ لَهُ: إنَّهُمْ يَقُولُونَ لِمَنْ قَالَ لِامْرَأَتِهِ وَهِيَ عَلَى دَرَجَةِ سُلَّمٍ " إنْ صَعِدْت أَوْ نَزَلْت فَأَنْتِ طَالِقٌ " فَقَالُوا: تُحْمَلُ عَنْهُ، أَوْ تَنْتَقِلُ عَنْهُ إلَى سُلَّمٍ آخَرَ، فَقَالَ: لَيْسَ هَذَا حِيلَةً، هَذَا هُوَ الْحِنْثُ بِعَيْنِهِ.

وَقَالُوا: إذَا حَلَفَ لَا يَطَأُ بِسَاطًا فَوَطِئَ عَلَى اثْنَيْنِ، وَإِذَا حَلَفَ لَا يَدْخُلُ دَارًا فَحُمِلَ وَأُدْخِلَ إلَيْهَا طَائِعًا، قَالَ ابْنُ حَامِدٍ وَغَيْرُهُ: جُمْلَةُ مَذْهَبِهِ: أَنَّهُ لَا يَجُوزُ التَّحَيُّلُ فِي الْيَمِينِ، وَأَنَّهُ لَا يَخْرُجُ مِنْهَا إلَّا بِمَا وَرَدَ بِهِ سَمْعٌ، كَنِسْيَانٍ وَإِكْرَاهٍ وَاسْتِثْنَاءٍ، قَالَهُ فِي التَّرْغِيبِ، وَقَالَ: قَالَ أَصْحَابُنَا: لَا يَجُوزُ التَّحَيُّلُ لِإِسْقَاطِ حُكْمِ الْيَمِينِ، وَلَا يَسْقُطُ بِذَلِكَ، وَنَقَلَ الْمَرُّوذِيُّ «لَعَنْ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - الْمُحَلِّلَ وَالْمُحَلَّلَ لَهُ» وَقَالَتْ عَائِشَةُ " لَعَنْ اللَّهُ صَاحِبَ الْمَرَقِ لَقَدْ احْتَالَ حَتَّى أَكَلَ " وَنَصَّ الْإِمَامُ أَحْمَدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ - فِيمَنْ حَلَفَ بِالطَّلَاقِ الثَّلَاثِ لَيَطَأَنَّهَا الْيَوْمَ، فَإِذَا هِيَ حَائِضٌ، أَوْ لَيَسْقِيَنَّ ابْنَهُ خَمْرًا لَا يَفْعَلُ، وَتَطْلُقُ، فَهَذِهِ نُصُوصُهُ، وَقَوْلُ أَصْحَابِهِ، وَقَدْ ذَكَرَ أَبُو الْخَطَّابِ وَجَمَاعَةٌ كَثِيرَةٌ مِنْ الْأَصْحَابِ جَوَازَ ذَلِكَ، وَذَكَرُوا مِنْ ذَلِكَ مَسَائِلَ كَثِيرَةً مَذْكُورَةً فِي الْهِدَايَةِ، وَالْمُذْهَبِ، وَالْمُسْتَوْعِبِ، وَالْخُلَاصَةِ، وَالرِّعَايَتَيْنِ، وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ، وَعُيُونِ الْمَسَائِلِ، وَغَيْرِهِمْ، وَأَعْظَمُهُمْ فِي ذَلِكَ: صَاحِبُ الْمُسْتَوْعِبِ، وَالرِّعَايَتَيْنِ فِيهِمَا، وَذَكَرَ الْمُصَنِّفُ هُنَا بَعْضَهَا، قُلْتُ: الَّذِي نَقْطَعُ بِهِ: أَنَّ ذَلِكَ لَيْسَ بِمَذْهَبٍ لِلْإِمَامِ أَحْمَدَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - مَعَ هَذِهِ النُّصُوصِ الْمُصَرِّحَةِ بِالْحِنْثِ، وَلَمْ يَرِدْ عَنْهُ مَا يُخَالِفُهَا، وَلَكِنْ ذَكَرَ ذَلِكَ بَعْضُ الْأَصْحَابِ، فَنَحْنُ نَذْكُرُ شَيْئًا مِنْ ذَلِكَ حَتَّى لَا يَخْلُو كِتَابُنَا مِنْهُ، فِي آخِرِ الْبَابِ، تَبَعًا لِلْمُصَنِّفِ.

<<  <  ج: ص:  >  >>