فَأَمَّا إنْ كَانَ لَهُ وَقْتَ الْيَمِينِ زَوْجَاتٌ أَوْ جَوَارٍ، وَقَالَتْ لَهُ: قُلْ " كُلُّ امْرَأَةٍ أَطَؤُهَا غَيْرَك طَالِقٌ، أَوْ حُرَّةٌ " وَقَالَ ذَلِكَ مِنْ غَيْرِ نِيَّةٍ، فَأَيُّ زَوْجَةٍ وَطِئَ غَيْرَهَا مِنْهُنَّ طَلُقَتْ، وَأَيُّ جَارِيَةٍ وَطِئَهَا مِنْهُنَّ: عَتَقَتْ، فَإِنْ نَوَى بِقَوْلِهِ " كُلَّ جَارِيَةٍ أَطَؤُهَا وَكُلَّ امْرَأَةٍ أَطَؤُهَا غَيْرَك " بِرِجْلِي يَعْنِي يَطَؤُهَا بِرِجْلِهِ فَلَهُ نِيَّتُهُ، وَلَا يَحْنَثُ بِجِمَاعِ غَيْرِهَا، زَوْجَةً كَانَتْ أَوْ سُرِّيَّةً، فَإِنْ أَرَادَتْ امْرَأَتُهُ الْإِشْهَادَ عَلَيْهِ بِهَذِهِ الْيَمِينِ الَّتِي يَحْلِفُ بِهَا فِي جَوَارِيهِ، وَخَافَ أَنْ يُرْفَعَ إلَى الْحَاكِمِ فَلَا يُصَدِّقُهُ فِيمَا نَوَاهُ، فَالْحِيلَةُ: أَنْ يَبِيعَ جَوَارِيهِ مِمَّنْ يَثِقُ بِهِ، وَيُشْهِدُ عَلَى بَيْعِهِنَّ شُهُودًا عُدُولًا مِنْ حَيْثُ لَا تَعْلَمُ الزَّوْجَةُ، ثُمَّ بَعْدَ ذَلِكَ يَحْلِفُ بِعِتْقِ كُلِّ جَارِيَةٍ يَطَؤُهَا مِنْهُنَّ، فَيَحْلِفُ وَلَيْسَ فِي مِلْكِهِ شَيْءٌ مِنْهُنَّ، وَيُشْهِدُ عَلَى وَقْتِ الْيَمِينِ شُهُودَ الْبَيْعِ لِيَشْهَدُوا لَهُ بِالْحَالَيْنِ جَمِيعًا، فَإِنْ أَشْهَدَ غَيْرَهُمْ وَأَرَّخَ الْوَقْتَيْنِ، وَبَيْنَهُمَا مِنْ الْفَصْلِ مَا يَتَمَيَّزُ كُلُّ وَقْتٍ مِنْهُمَا عَنْ الْآخَرِ: كَفَاهُ ذَلِكَ، ثُمَّ بَعْدَ الْيَمِينِ يُقَايِلُ مُشْتَرِيَ الْجَوَارِي، أَوْ يَعُودُ وَيَشْتَرِيهِنَّ مِنْهُ، وَيَطَؤُهُنَّ وَلَا يَحْنَثُ.
فَإِنْ رَافَعَتْهُ إلَى الْحَاكِمِ، وَأَقَامَتْ الْبَيِّنَةَ بِالْيَمِينِ بِوَطْئِهِنَّ: أَقَامَ هُوَ الْبَيِّنَةَ أَنَّهُ لَمْ يَكُنْ وَقْتَ الْيَمِينِ فِي مِلْكِهِ شَيْءٌ مِنْهُنَّ، فَإِنْ قَالَتْ لَهُ: قُلْ " كُلُّ جَارِيَةٍ أَشْتَرِيهَا فَأَطَؤُهَا فَهِيَ حُرَّةٌ " فَلْيَقُلْ ذَلِكَ، وَيَنْوِي بِهِ الِاسْتِفْهَامَ، وَلَا يَنْوِي بِهِ الْحَلِفَ، فَلَا يَحْنَثُ، ذَكَرَ ذَلِكَ صَاحِبُ الْمُسْتَوْعِبِ، وَمَنْ تَابَعَهُ، قُلْتُ: وَهَذَا كُلُّهُ صَحِيحٌ مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ، إذَا كَانَ الْحَالِفُ مَظْلُومًا عَلَى مَا تَقَدَّمَ وَقَالَ فِي الْمُسْتَوْعِبِ: وَجَدْت بِخَطِّ شَيْخِنَا أَبِي حَكِيمِ، قَالَ: حُكِيَ أَنَّ رَجُلًا سَأَلَ الْإِمَامَ أَحْمَدَ بْنَ حَنْبَلٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - عَنْ رَجُلٍ حَلَفَ أَنْ لَا يُفْطِرَ فِي رَمَضَانَ، فَقَالَ لَهُ: اذْهَبْ إلَى بِشْرِ بْنِ الْوَلِيدِ فَاسْأَلْهُ، ثُمَّ ائْتِنِي فَأَخْبِرْنِي، فَذَهَبَ فَسَأَلَهُ؟
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute