وَالْوَجْهُ الثَّانِي: مُخَالِفٌ لِلْمَسْأَلَةِ الْأُولَى، وَهُوَ أَنَّهُ لَا يَصِيرُ مُولِيًا حَتَّى يَطَأَ ثَلَاثًا، فَيَصِيرُ مُولِيًا مِنْ الرَّابِعَةِ، هَذَا ظَاهِرُ كَلَامِهِ، بَلْ هُوَ كَالصَّرِيحِ، وَعَلَيْهِ شَرْحُ ابْنِ مُنَجَّا، وَاَلَّذِي قَطَعَ بِهِ فِي الْهِدَايَةِ، وَالْمُسْتَوْعِبِ، وَالْمُغْنِي، وَالشَّرْحِ، وَالْمُحَرَّرِ، وَالرِّعَايَتَيْنِ، وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ، وَالْفُرُوعِ، وَغَيْرِهِمْ: أَنَّ أَصْلَ الْوَجْهَيْنِ الرِّوَايَتَانِ فِي فِعْلِ بَعْضِ الْمَحْلُوفِ عَلَيْهِ، فَإِنْ قُلْنَا: يَحْنَثُ بِفِعْلِ الْبَعْضِ: صَارَ مُولِيًا فِي الْحَالِ، وَانْحَلَّتْ يَمِينُهُ بِوَطْءِ وَاحِدَةٍ كَالْأُولَى، وَإِنْ قُلْنَا: لَا يَحْنَثُ إلَّا بِفِعْلِ الْجَمِيعِ: لَمْ يَصِرْ مُولِيًا حَتَّى يَطَأَ ثَلَاثًا، فَحِينَئِذٍ يَصِيرُ مُولِيًا مِنْ الرَّابِعَةِ، عَلَى الصَّحِيحِ مِنْ الْمَذْهَبِ، وَقِيلَ: عَلَى الْقَوْلِ بِأَنَّهُ لَا يَحْنَثُ إلَّا بِفِعْلِ الْجَمِيعِ يَكُونُ مُولِيًا مِنْهُنَّ فِي الْحَالِ، وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْمُحَرَّرِ، وَأَخَّرَ هَذِهِ الطَّرِيقَةَ ابْنُ مُنَجَّا فِي شَرْحِهِ، وَلَمْ أَرَ مَا شَرَحَ عَلَيْهِ ابْنُ مُنَجَّا، مَعَ أَنَّهُ ظَاهِرٌ فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ، وَقَالَ فِي الْقَاعِدَةِ التَّاسِعَةِ بَعْدَ الْمِائَةِ: وَلِمَنْ قَالَ لِزَوْجَاتِهِ الْأَرْبَعِ " وَاَللَّهِ لَا وَطِئْتُكُنَّ " وَقُلْنَا: لَا يَحْنَثُ بِفِعْلِ الْبَعْضِ فَأَشْهَرُ الْوَجْهَيْنِ: أَنَّهُ لَا يَكُونُ مُولِيًا حَتَّى يَطَأَ ثَلَاثًا، فَيَصِيرُ حِينَئِذٍ مُولِيًا مِنْ الرَّابِعَةِ، وَهُوَ قَوْلُ الْقَاضِي فِي الْمُجَرَّدِ، وَأَبِي الْخَطَّابِ. وَالْوَجْهُ الثَّانِي: هُوَ مُولٍ فِي الْحَالِ مِنْ الْجَمِيعِ، وَهُوَ قَوْلُ الْقَاضِي فِي خِلَافِهِ، وَابْنِ عَقِيلٍ فِي عُمَدِهِ، وَقَالَا: هُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ الْإِمَامِ أَحْمَدَ - رَحِمَهُ اللَّهُ -، وَذَكَرَ مَأْخَذَ الْخِلَافِ.
قَوْلُهُ (وَإِنْ آلَى مِنْ وَاحِدَةٍ، وَقَالَ لِلْأُخْرَى: شَرَّكْتُكِ مَعَهَا: لَمْ يَصِرْ مُولِيًا مِنْ الثَّانِيَةِ) ،
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute