قَالَ الشَّارِحُ: لَا يَنْقَطِعُ التَّتَابُعُ بِفِطْرِهِ فِي السَّفَرِ الْمُبِيحِ لَهُ، عَلَى الْأَظْهَرِ، وَأَطْلَقَ الْوَجْهَيْنِ فِي الْمَرَضِ.
وَالْوَجْهُ الثَّانِي: يَقْطَعُهُ، وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِهِ فِي الْوَجِيزِ، وَقِيلَ: يَقْطَعُ السَّفَرُ؛ لِأَنَّهُ أَنْشَأَهُ بِاخْتِيَارِهِ، وَلَا يَقْطَعُ الْمَرَضُ، اخْتَارَهُ الْقَاضِي وَجَمَاعَةٌ مِنْ أَصْحَابِهِ، وَقَالَ الْقَاضِي: نَصَّ عَلَيْهِ، قَالَ الزَّرْكَشِيُّ: هُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ الْإِمَامِ أَحْمَدَ - رَحِمَهُ اللَّهُ -.
قَوْلُهُ (وَإِنْ أَصَابَ الْمُظَاهَرَ مِنْهَا لَيْلًا أَوْ نَهَارًا: انْقَطَعَ التَّتَابُعُ) ، هَذَا الْمَذْهَبُ مُطْلَقًا، جَزَمَ بِهِ فِي الْوَجِيزِ، وَقَدَّمَهُ فِي الْمُغْنِي، وَالْمُحَرَّرِ، وَالشَّرْحِ، وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ، وَالْفُرُوعِ، وَيَأْبَى كَلَامُهُ فِي الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى، قَالَ النَّاظِمُ: هَذَا أَوْلَى، وَعَنْهُ: لَا يَنْقَطِعُ بِفِعْلِهِ نَاسِيًا فِيهِمَا، قَالَ فِي الرِّعَايَةِ الصُّغْرَى: وَإِنْ وَطِئَ مَنْ ظَاهَرَ مِنْهَا لَيْلًا عَمْدًا [أَوْ نَهَارًا سَهْوًا: انْقَطَعَ عَلَى الْأَصَحِّ، وَقَالَ فِي الْكُبْرَى: وَإِنْ وَطِئَ مَنْ ظَاهَرَ مِنْهَا لَيْلًا عَمْدًا] . وَقِيلَ: أَوْ سَهْوًا، أَوْ نَهَارًا سَهْوًا: لَمْ يَنْقَطِعْ التَّتَابُعُ، عَلَى الْأَصَحِّ فِيهِمَا، فَاخْتَلَفَ تَصْحِيحُهُ، قَالَ الزَّرْكَشِيُّ فِيمَا إذَا وَطِئَ لَيْلًا: هَذِهِ إحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ عَنْ الْإِمَامِ أَحْمَدَ - رَحِمَهُ اللَّهُ -، وَاخْتِيَارُ أَصْحَابِهِ: الْخِرَقِيِّ، وَالْقَاضِي، وَأَصْحَابِهِ، وَالشَّيْخَيْنِ، وَغَيْرِهِمْ.
تَنْبِيهٌ:
ظَاهِرُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ: أَنَّهُ إذَا أَصَابَ الْمُظَاهَرَ مِنْهَا لَيْلًا عَمْدًا: أَنَّهُ يَنْقَطِعُ قَوْلًا وَاحِدًا؛ لِأَنَّهُ إنَّمَا حَكَى الْخِلَافَ فِي النِّسْيَانِ،
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute