بَدَأَ بِالْفَجْرِ كَابْنِ أَبِي مُوسَى، وَأَبِي الْخَطَّابِ، وَالْقَاضِي فِي مَوْضِعٍ. قَالَ: وَهَذَا أَجْوَدُ. لِأَنَّ الصَّلَاةَ الْوُسْطَى هِيَ الْعَصْرُ، وَإِنَّمَا تَكُونُ الْوُسْطَى إذَا كَانَتْ الْفَجْرُ الْأُولَى. انْتَهَى.
وَإِنَّمَا بَدَأَ بِالْفَجْرِ لِبُدَاءَتِهِ عَلَيْهِ أَفْضَلُ الصَّلَاةِ وَالسَّلَامِ بِهَا لِلسَّائِلِ، وَهُوَ مُتَأَخِّرٌ عَنْ الْأَوَّلِ. وَنَاسِخٌ لِبَعْضِهِ. وَبَدَأَ فِي الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى، وَابْنُ تَمِيمٍ بِالْفَجْرِ. ثُمَّ ثَنَّيَا بِالظُّهْرِ. وَقَالَا هِيَ الْأُولَى.
قَوْلُهُ (وَالْأَفْضَلُ تَعْجِيلُهَا إلَّا فِي شِدَّةِ الْحَرِّ وَالْغَيْمِ لِمَنْ يُصَلِّي جَمَاعَةً) اعْلَمْ أَنَّهُ إذَا انْتَفَى الْغَيْمُ وَشِدَّةُ الْحَرِّ: اُسْتُحِبَّ تَعْجِيلُهَا بِلَا خِلَافٍ أَعْلَمُهُ. وَأَمَّا فِي شِدَّةِ الْحَرِّ: فَجَزَمَ الْمُصَنِّفُ هُنَا أَنَّهَا تُؤَخَّرُ لِمَنْ يُصَلِّي جَمَاعَةً فَقَطْ، وَهُوَ أَحَدُ الْوَجْهَيْنِ وَجَزَمَ بِهِ فِي الْهِدَايَةِ، وَالْمُذْهَبِ، وَالْمُسْتَوْعِبِ، وَالْبُلْغَةِ، وَالْمُحَرَّرِ، وَالرِّعَايَةِ الصُّغْرَى، وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ، وَالْوَجِيزِ، وَإِدْرَاكِ الْغَايَةِ، وَتَجْرِيدِ الْعِنَايَةِ وَقَدَّمَهُ فِي الْفُصُولِ. وَالنَّظْمِ. وَالْوَجْهُ الثَّانِي: أَنَّهَا تُؤَخَّرُ لِشِدَّةِ الْحَرِّ مُطْلَقًا، وَهُوَ الْمَذْهَبُ جَزَمَ بِهِ فِي الْحَاوِي الْكَبِيرِ وَاخْتَارَهُ الْمُصَنِّفُ، وَالشَّارِحُ وَرَجَّحَهُ التِّرْمِذِيُّ، وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ الْإِمَامِ أَحْمَدَ، وَالْخِرَقِيِّ، وَابْنِ أَبِي مُوسَى فِي الْإِرْشَادِ، وَالْقَاضِي فِي الْجَامِعِ الْكَبِيرِ، وَابْنِ عَقِيلٍ فِي التَّذْكِرَةِ، وَالْمُصَنِّفِ فِي الْكَافِي، وَالْفَخْرِ فِي التَّلْخِيصِ وَغَيْرِهِمْ لِإِطْلَاقِهِمْ وَقَدَّمَهُ فِي الْفُرُوعِ. وَأَطْلَقَهُمَا ابْنُ تَمِيمٍ وَالرِّعَايَةُ الْكُبْرَى، وَالْفَائِقُ، وَشَرَطَ الْقَاضِي فِي الْمُحَرَّرِ مَعَ الْخُرُوجِ إلَى الْجَمَاعَةِ كَوْنَهُ فِي بَلَدٍ حَارٍّ. قَالَ ابْنُ رَجَبٍ فِي شَرْحِ الْبُخَارِيِّ، اشْتَرَطَ ذَلِكَ طَائِفَةٌ مِنْ أَصْحَابِنَا، وَقَالَ: وَمِنْهُمْ مَنْ يَشْتَرِطُ مَسْجِدَ الْجَمَاعَةِ فَقَطْ. انْتَهَى. وَشَرَطَ ابْنُ الزَّاغُونِيِّ كَوْنَهُ فِي مَسَاجِدِ الدُّرُوبِ.
فَائِدَةٌ:
قَالَ ابْنُ رَجَبٍ فِي شَرْحِ الْبُخَارِيِّ. اُخْتُلِفَ فِي الْمَعْنَى الَّذِي مِنْ أَجْلِهِ أُمِرَ بِالْإِبْرَادِ. فَمِنْهُمْ مَنْ قَالَ: هُوَ حُصُولُ الْخُشُوعِ فِيهَا. فَلَا فَرْقَ بَيْنَ مَنْ يُصَلِّي وَحْدَهُ أَوْ فِي جَمَاعَةٍ. وَمِنْهُمْ مَنْ قَالَ: هُوَ خَشْيَةُ الْمَشَقَّةِ عَلَى مَنْ بَعُدَ مِنْ الْمَسْجِدِ بِمَشْيِهِ فِي الْحَرِّ. فَتَخْتَصُّ بِالصَّلَاةِ فِي مَسَاجِدِ الْجَمَاعَةِ الَّتِي تُقْصَدُ مِنْ الْأَمْكِنَةِ الْمُتَبَاعِدَةِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute