وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْقَوَاعِدِ الْفِقْهِيَّةِ فِي الْقَاعِدَةِ الثَّانِيَةِ وَالْعِشْرِينَ.
الثَّانِي: قَوْلُ الْمُصَنِّفِ بَعْدَ أَنْ ذَكَرَ اللَّبَنَ الْمَشُوبَ، وَلَبَنَ الْمَيِّتَةِ وَقَالَ أَبُو بَكْرٍ " لَا يَثْبُتُ التَّحْرِيمُ بِهِمَا ". ظَاهِرٌ: أَنَّهُ قَوْلُ أَبِي بَكْرٍ عَبْدِ الْعَزِيزِ غُلَامِ الْخَلَّالِ، وَأَنَّهُ اخْتَارَ عَدَمَ ثُبُوتِ التَّحْرِيمِ بِهِمَا. وَالْحَالُ أَنَّ الْأَصْحَابَ إنَّمَا حَكَوْا عَدَمَ تَحْرِيمِ لَبَنِ الْمَيِّتَةِ عَنْ أَبِي بَكْرٍ الْخَلَّالِ. وَعَدَمَ تَحْرِيمِ اللَّبَنِ الْمَشُوبِ عَنْ أَبِي بَكْرِ عَبْدِ الْعَزِيزِ. فَظَاهِرُهُ التَّعَارُضُ. فَيُمْكِنُ أَنْ يُقَالَ: قَدْ اطَّلَعَ الْمُصَنِّفُ عَلَى نَقْلٍ لِأَبِي بَكْرٍ عَبْدِ الْعَزِيزِ فِي الْمَسْأَلَتَيْنِ. وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ قَدْ حَصَلَ وَهْمٌ فِي ذَلِكَ. وَلَمْ أَرَ مَنْ نَبَّهَ عَلَى ذَلِكَ.
الثَّالِثُ: بَنَى الْقَاضِي فِي تَعْلِيقِهِ وَصَاحِبُ الْمُحَرَّرِ، وَالْفُرُوعِ، وَالزَّرْكَشِيُّ، وَغَيْرُهُمْ الْخِلَافَ فِي التَّحْرِيمِ فِي اللَّبَنِ الْمَشُوبِ عَلَى الْقَوْلِ بِالتَّحْرِيمِ بِالسَّعُوطِ وَالْوَجُورِ. قَالَ الزَّرْكَشِيُّ: وَمِنْ ثَمَّ قَالَ أَبُو بَكْرٍ: قِيَاسُ قَوْلِ الْإِمَامِ أَحْمَدَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - هُنَا أَنَّهُ لَا يُحَرِّمُ. لِأَنَّهُ وَجُورٌ.
فَائِدَةٌ:
يُحَرِّمُ الْجُبْنُ. عَلَى الصَّحِيحِ مِنْ الْمَذْهَبِ. وَقِيلَ: لَا يُحَرِّمُ.
قَوْلُهُ (وَالْحُقْنَةُ لَا تَنْشُرُ الْحُرْمَةَ. نَصَّ عَلَيْهِ) . وَهُوَ الْمَذْهَبُ. وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأَصْحَابِ. لِأَنَّ الْعِلَّةَ إنْشَازُ الْعَظْمِ، وَإِنْبَاتُ اللَّحْمِ، لِحُصُولِهِ فِي الْجَوْفِ، بِخِلَافِ الْحُقْنَةِ بِالْخَمْرِ. وَجَزَمَ بِهِ فِي الْوَجِيزِ، وَغَيْرِهِ. وَقَدَّمَهُ فِي الْهِدَايَةِ، وَالْمُذْهَبِ، وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ، وَالْمُسْتَوْعِبِ، وَالْخُلَاصَةِ،
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute