فَعَلَى الْقَوْلِ بِالتَّحْرِيمِ أَوْ الْكَرَاهَةِ: لَا فَرْقَ بَيْنَ أَنْ يَكُونَ فِي ظُلْمَةٍ، أَوْ حَمَّامٍ أَوْ يَحْضُرُهُ مَلَكٌ، أَوْ جِنِّيٌّ، أَوْ حَيَوَانٌ بَهِيمٌ أَوْ لَا. ذَكَرَهُ فِي الرِّعَايَةِ وَغَيْرِهِ. الثَّانِيَةُ: يَجِبُ سَتْرُ الْعَوْرَةِ فِي الصَّلَاةِ عَنْ نَفْسِهِ وَعَنْ غَيْرِهِ. فَلَوْ صَلَّى فِي قَمِيصٍ وَاسِعِ الْجَيْبِ، وَلَمْ يَزُرَّهُ وَلَا شَدَّ وَسَطَهُ، وَكَانَ بِحَيْثُ يَرَى عَوْرَتَهُ فِي قِيَامِهِ أَوْ رُكُوعِهِ فَهُوَ كَرُؤْيَةِ غَيْرِهِ فِي مَنْعِ الْإِجْزَاءِ نُصَّ عَلَيْهِ، وَلَا يُعْتَبَرُ سَتْرُهَا مِنْ أَسْفَلَ عَلَى الصَّحِيحِ مِنْ الْمَذْهَبِ. وَاعْتَبَرَهُ أَبُو الْمَعَالِي إنْ تَيَسَّرَ النَّظَرُ. وَقَالَ فِي الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى قُلْت: فَلَوْ صَلَّى عَلَى حَائِطٍ، فَرَأَى عَوْرَتَهُ مِنْ تَحْتٍ. بَطَلَتْ صَلَاتُهُ. انْتَهَى.
وَيَكْفِي فِي سَتْرِهَا نَبَاتٌ وَنَحْوُهُ، كَالْحَشِيشِ وَالْوَرَقِ عَلَى الصَّحِيحِ مِنْ الْمَذْهَبِ. وَقِيلَ: لَا يَكْفِي الْحَشِيشُ مَعَ وُجُودِ ثَوْبٍ. وَيَكْفِي مُتَّصِلٌ بِهِ، كَيَدِهِ وَلِحْيَتِهِ، عَلَى الصَّحِيحِ مِنْ الْمَذْهَبِ وَنُصَّ عَلَيْهِ. وَعَنْهُ لَا يَكْفِي. وَهِيَ وَجْهٌ فِي ابْنِ تَمِيمٍ. وَقَدْ تَرَدَّدَ الْقَاضِي فِي شَرْحِ الْمُذْهَبِ فِي السَّتْرِ بِلِحْيَتِهِ فَجَزَمَ تَارَةً بِأَنَّ السَّتْرَ بِالْمُتَّصِلِ لَيْسَ بِسَتْرٍ فِي الصَّلَاةِ. ثُمَّ ذَكَرَ نَصَّ أَحْمَدَ. وَرَجَعَ إلَى أَنَّهُ سَتْرٌ فِي الصَّلَاةِ. انْتَهَى.
وَلَا يَلْزَمُهُ لُبْسُ بَارِيَةٍ وَحَصِيرٍ وَنَحْوِهِمَا مِمَّا يَضُرُّهُ. وَلَا ضَفِيرَةٍ. وَلَا يَلْزَمُ سَتْرُهَا بِالطِّينِ وَلَا بِالْمَاءِ الْكَدِرِ جُزِمَ بِهِ فِي الْكَافِي، وَالْإِفَادَاتِ، وَالْفَائِقِ، وَالرِّعَايَةِ الصُّغْرَى، وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَجَزَمَ بِهِ ابْنُ الْجَوْزِيِّ، وَالشَّارِحُ، وَابْنُ رَزِينٍ فِي الْمَاءِ وَقَدَّمَهُ فِي الطِّينِ. وَقِيلَ: يَلْزَمُهُ السَّتْرُ بِهِمَا. وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْفُرُوعِ، وَالرِّعَايَةِ الْكُبْرَى وَاخْتَارَ ابْنُ عَقِيلٍ: يَجِبُ بِالطِّينِ لَا بِالْمَاءِ الْكَدِرِ. وَقَالَ الْمَجْدُ فِي شَرْحِهِ، وَابْنُ عُبَيْدَانَ، وَصَاحِبُ الْحَاوِي: أَظْهَرُ الْوَجْهَيْنِ لَا يَلْزَمُهُ أَنْ يُطَيِّنَ بِهِ عَوْرَتَهُ. قَالَ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ: اخْتَارَ الْآمِدِيُّ وَغَيْرُهُ عَدَمَ لُزُومِ الِاسْتِتَارِ بِالطِّينِ. قَالَ: وَهُوَ الصَّوَابُ الْمَقْطُوعُ بِهِ وَقِيلَ: إنَّهُ الْمَنْصُوصُ عَنْ أَحْمَدَ. انْتَهَى.
وَجَزَمَ فِي التَّلْخِيصِ بِأَنَّهُ لَا يَلْزَمُهُ السَّتْرُ بِالْمَاءِ. وَأَطْلَقَ فِي الطِّينِ الْوَجْهَيْنِ. فَعَلَى الْقَوْلِ بِوُجُوبِ سَتْرِهَا بِالطِّينِ: لَوْ صَلَّى بِهِ، ثُمَّ تَنَاثَرَ شَيْءٌ لَمْ يَلْزَمْهُ إعَادَتُهُ عَلَى الصَّحِيحِ. وَقَالَ ابْنُ أَبِي الْفَهْمِ: يَلْزَمُهُ. وَأَطْلَقَ الْوَجْهَيْنِ فِي الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute