قَالَ: وَلَا نِزَاعَ أَنَّهُ بِاعْتِبَارِ الْحُكْمِ الشَّرْعِيِّ لَا يَزِيدُ عَلَى ثَلَاثَةِ أَوْجُهٍ. عَمْدٍ، وَهُوَ مَا فِيهِ الْقِصَاصُ أَوْ الدِّيَةُ. وَشَبَهِ الْعَمْدِ، وَهُوَ مَا فِيهِ دِيَةٌ مُغَلَّظَةٌ مِنْ غَيْرِ قَوَدٍ. وَخَطَأٍ، وَهُوَ مَا فِيهِ دِيَةٌ مُخَفَّفَةٌ. انْتَهَى. وَيَأْتِي تَفَاصِيلُ ذَلِكَ فِي أَوَّلِ " كِتَابِ الدِّيَاتِ " قُلْت: الَّذِي نَظَرَ إلَى الْأَحْكَامِ الْمُتَرَتِّبَةِ عَلَى الْقَتْلِ جَعَلَ الْأَقْسَامَ ثَلَاثَةً. وَاَلَّذِي نَظَرَ إلَى الصُّوَرِ: فَهِيَ أَرْبَعَةٌ بِلَا شَكٍّ. وَأَمَّا الْأَحْكَامُ فَمُتَّفَقٌ عَلَيْهَا: تَنْبِيهٌ:
ظَاهِرُ قَوْلِهِ (أَحَدُهَا: أَنْ يَجْرَحَهُ بِمَا لَهُ مَوْرٌ) أَيْ دُخُولٌ وَتَرَدُّدٌ (فِي الْبَدَنِ، مِنْ حَدِيدٍ أَوْ غَيْرِهِ، مِثْلَ أَنْ يَجْرَحَهُ بِسِكِّينٍ، أَوْ يَغْرِزَهُ بِمِسَلَّةٍ) وَلَوْ لَمْ يُدَاوِ الْمَجْرُوحُ الْقَادِرُ عَلَى الدَّوَاءِ جُرْحَهُ، حَتَّى مَاتَ. وَهُوَ صَحِيحٌ. وَهُوَ الْمَذْهَبُ. قَالَ فِي الْفُرُوعِ: وَالْأَصَحُّ وَلَوْ لَمْ يُدَاوِ مَجْرُوحٌ قَادِرٌ جُرْحَهُ. وَقِيلَ: لَيْسَ بِعَمْدٍ. نَقَلَ جَعْفَرٌ: الشَّهَادَةَ عَلَى الْقَتْلِ: أَنْ يَرَوْهُ وَجَأَهُ. وَأَنَّهُ مَاتَ مِنْ ذَلِكَ. وَقَالَ فِي الْقَوَاعِدِ الْأُصُولِيَّةِ: لَوْ جَرَحَهُ فَتَرَكَ مُدَاوَاةَ الْجُرْحِ، أَوْ فَصَدَهُ فَتَرَك شَدَّ فَصَادِهِ: لَمْ يَسْقُطْ الضَّمَانُ. ذَكَرَهُ فِي الْمُغْنِي مَحَلَّ وِفَاقٍ. وَذَكَرَ بَعْضُ الْمُتَأَخِّرِينَ: لَا ضَمَانَ فِي تَرْكِ شَدِّ الْفِصَادِ. ذِكْرُهُ مَحَلُّ وِفَاقٍ. وَذَكَرَ فِي تَرْكِ مُدَاوَاةٍ لِجُرْحٍ مِنْ قَادِرٍ عَلَى التَّدَاوِي: وَجْهَيْنِ. وَصَحَّحَ الضَّمَانَ انْتَهَى. وَأَرَادَ بِبَعْضِ الْمُتَأَخِّرِينَ: صَاحِبَ الْفُرُوعِ.
فَائِدَةٌ:
وَكَذَا الْحُكْمُ لَوْ طَالَ بِهِ الْمَرَضُ، وَلَا عِلَّةَ بِهِ غَيْرُهُ. قَالَ ابْنُ عَقِيلٍ فِي الْوَاضِحِ: أَوْ جَرَحَهُ، وَتَعَقَّبَهُ سِرَايَةٌ بِمَرَضٍ وَدَامَ جُرْحُهُ، حَتَّى مَاتَ فَلَا يُعَلَّقُ بِفِعْلِ اللَّهِ شَيْءٌ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute