للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وَقَالَ فِي الْكَافِي: وَقَالَا " عَلِمْنَا أَنَّهُ يُقْتَلُ ". وَقَالَ فِي الْمُغْنِي: وَلَمْ يَجُزْ جَهْلُهُمَا بِهِ. وَقَالَ فِي التَّرْغِيبِ، وَالرِّعَايَةِ الْكُبْرَى: وَكَذَّبَتْهُمَا قَرِينَةٌ. فَالْأَصْحَابُ مُتَّفِقُونَ عَلَى أَنَّ هَذَا عَمْدٌ مَحْضٌ. وَقَالَ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ - رَحِمَهُ اللَّهُ -: ذَكَرَ الْأَصْحَابُ مِنْ صُوَرِ الْقَتْلِ الْعَمْدِ الْمُوجِبِ لِلْقَوَدِ: مَنْ شَهِدَتْ عَلَيْهِ بَيِّنَةٌ بِالرِّدَّةِ. فَقُتِلَ بِذَلِكَ، ثُمَّ رَجَعُوا. وَقَالُوا: عَمِدْنَا قَتْلَهُ. قَالَ: وَفِي هَذَا نَظَرٌ. لِأَنَّ الْمُرْتَدَّ إنَّمَا يُقْتَلُ إذَا لَمْ يَتُبْ، فَيُمْكِنُ الْمَشْهُودُ عَلَيْهِ التَّوْبَةَ. كَمَا يُمْكِنُهُ التَّخَلُّصَ مِنْ النَّارِ إذَا أُلْقِيَ فِيهَا. انْتَهَى. قُلْت: يُتَصَوَّرُ عَدَمُ قَبُولِ تَوْبَةِ الْمُرْتَدِّ فِي مَسَائِلَ عَلَى رِوَايَةٍ قَوِيَّةٍ. كَمَنْ سَبَّ اللَّهَ أَوْ رَسُولَهُ. وَكَالزِّنْدِيقِ. وَمَنْ تَكَرَّرَتْ رِدَّتُهُ. وَالسَّاحِرُ وَغَيْرُ ذَلِكَ. عَلَى مَا يَأْتِي فِي بَابِهِ. فَلَوْ شَهِدَ عَلَيْهِ بِذَلِكَ. فَإِنَّهُ يُقْتَلُ بِكُلِّ حَالٍ. وَلَا تُقْبَلُ تَوْبَتُهُ. عَلَى إحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ. فَكَلَامُ الْأَصْحَابِ مَحَلُّهُ حَيْثُ امْتَنَعَتْ التَّوْبَةُ. وَيَكْفِي هَذَا فِي إطْلَاقِهِمْ فِي مَسْأَلَةٍ، وَلَوْ وَاحِدَةٍ. لَكِنْ ظَهَرَ لِي عَلَى كَلَامٍ كَثِيرٍ مِنْ الْأَصْحَابِ إشْكَالٌ فِي قَوْلِهِمْ " لَوْ شَهِدَا عَلَى رَجُلٍ بِزِنًا. فَقُتِلَ بِذَلِكَ " فَإِنَّ الشَّاهِدَيْنِ لَا يُقْتَلُ الزَّانِي بِشَهَادَتِهِمَا. فَهَذَا فِيهِ نَظَرٌ ظَاهِرٌ لِهَذَا. قَالَ فِي الْفُرُوعِ: وَمَنْ شَهِدَتْ عَلَيْهِ بَيِّنَةٌ بِمَا يُوجِبُ قَتْلَهُ. فَتَخَلَّصَ مِنْ الْإِشْكَالِ.

قَوْلُهُ (أَوْ يَقُولَ الْحَاكِمُ: عَلِمْت كَذِبَهُمَا وَعَمِدْت قَتْلَهُ) . فَهَذَا عَمْدٌ مَحْضٌ. وَيَجِبُ الْقِصَاصُ عَلَى الْحَاكِمِ. وَهَذَا الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأَصْحَابِ

<<  <  ج: ص:  >  >>