وَصَرَّحَ بِهِ بَعْضُ الْمُتَأَخِّرِينَ كَشَيْخِنَا وَغَيْرِهِ لِأَنَّهُ لَيْسَ بِحَدٍّ وَإِنَّمَا هُوَ عُقُوبَةٌ عَلَى فِعْلِهِ وَإِلَّا لَاعْتُبِرَتْ شُرُوطُ الْحَدِّ وَالْأَوَّلُ ذَكَرَهُ فِي الْمُسْتَوْعِبِ وَغَيْرِهِ وَسَأَلَهُ أَبُو الْحَارِثِ: وَجَدَهُ يَفْجُرُ بِهَا لَهُ قَتْلُهُ؟ قَالَ: قَدْ رُوِيَ عَنْ عُمَرَ وَعُثْمَانَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا -
قَوْلُهُ (أَوْ تَجَارَحَ اثْنَانِ وَادَّعَى كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا: أَنَّهُ جَرَحَهُ دَفْعًا عَنْ نَفْسِهِ: وَجَبَ الْقِصَاصُ وَالْقَوْلُ قَوْلُ الْمُنْكِرِ) وَهُوَ الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأَصْحَابِ وَقَطَعَ بِهِ كَثِيرٌ مِنْهُمْ وَفِي الْمُذْهَبِ لِابْنِ الْجَوْزِيِّ وَالْكَافِي: تَجِبُ الدِّيَةُ فَقَطْ وَنَقَلَ أَبُو الصَّقْرِ وَحَنْبَلٌ فِي قَوْمٍ اجْتَمَعُوا بِدَارٍ فَجَرَحَ وَقَتَلَ بَعْضُهُمْ بَعْضًا وَجُهِلَ الْحَالُ أَنَّ عَلَى عَاقِلَةِ الْمَجْرُوحِينَ دِيَةَ الْقَتْلَى يَسْقُطُ مِنْهَا أَرْشُ الْجِرَاحِ قَالَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ -: قَضَى بِهِ عَلِيٌّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - وَهَلْ عَلَى مَنْ لَيْسَ بِهِ جُرْحٌ مِنْ دِيَةِ الْقَتْلَى شَيْءٌ؟ فِيهِ وَجْهَانِ قَالَهُ ابْنُ حَامِدٍ نَقَلَهُ فِي الْمُنْتَخَبِ وَاقْتَصَرَ عَلَيْهِ فِي الْفُرُوعِ قُلْت: الصَّوَابُ أَنَّهُمْ يُشَارِكُونَهُمْ فِي الدِّيَةِ فَائِدَةٌ:
نَقَلَ حَنْبَلٌ فِيمَنْ أُرِيدَ قَتْلُهُ قَوَدًا فَقَالَ رَجُلٌ آخَرُ " أَنَا الْقَاتِلُ لَا هَذَا " أَنَّهُ لَا قَوَدَ وَالدِّيَةُ عَلَى الْمُقِرِّ لِقَوْلِ عَلِيٍّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - " أَحْيَا نَفْسًا " ذَكَرَهُ الشِّيرَازِيُّ فِي الْمُنْتَخَبِ وَحَمَلَهُ أَيْضًا عَلَى أَنَّ الْوَلِيَّ صَدَّقَهُ بَعْدَ قَوْلِهِ " لَا قَاتِلَ سِوَى الْأَوَّلِ " وَلَزِمَتْهُ الدِّيَةُ لِصِحَّةِ بَذْلِهَا مِنْهُ وَذَكَرَ فِي الْمُنْتَخَبِ فِي الْقَسَامَةِ: لَوْ شَهِدَا عَلَيْهِ بِقَتْلٍ فَأَقَرَّ بِهِ غَيْرُهُ فَذَكَرَ رِوَايَةَ حَنْبَلٍ انْتَهَى
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute