وَيَحْتَمِلُ أَنْ تَضَمُنَّهُ الْعَاقِلَةُ. وَهُوَ لِأَبِي الْخَطَّابِ فِي الْهِدَايَةِ. وَأَطْلَقَ وَجْهَيْنِ فِي الْمُذْهَبِ. قَالَ الشَّارِحُ: إذَا سَلَّمَ وَلَدَهُ الصَّغِيرَ إلَى سَابِحٍ لَيُعَلِّمَهُ، فَغَرِقَ: فَالضَّمَانُ عَلَى عَاقِلَةِ السَّابِحِ. وَقَالَ الْقَاضِي: قِيَاسُ الْمَذْهَبِ أَنَّهُ لَا يَضْمَنُهُ. انْتَهَى.
فَائِدَةٌ: لَوْ سَلَّمَ الْبَالِغُ الْعَاقِلُ نَفْسَهُ إلَى السَّابِحِ لَيُعَلِّمَهُ، فَغَرِقَ: لَمْ يَضْمَنْهُ قَوْلًا وَاحِدًا.
قَوْلُهُ (وَإِنْ أَمَرَ عَاقِلًا يَنْزِلُ بِئْرًا، أَوْ يَصْعَدُ شَجَرَةً، فَهَلَكَ بِذَلِكَ: لَمْ يَضْمَنْهُ) . كَمَا لَوْ اسْتَأْجَرَهُ لِذَلِكَ. إلَّا أَنْ يَكُونَ الْآمِرُ السُّلْطَانَ. فَهَلْ يَضْمَنُهُ؟ عَلَى وَجْهَيْنِ. وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْهِدَايَةِ، وَالْمُذْهَبِ، وَالْمُسْتَوْعِبِ، وَالْخُلَاصَةِ، وَالْمُغْنِي، وَالشَّرْحِ، وَشَرْحِ ابْنِ مُنَجَّا، وَالنَّظْمِ، وَالرِّعَايَةِ الصُّغْرَى، وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ. أَحَدُهُمَا: لَا يَضْمَنُهُ كَمَا لَوْ اسْتَأْجَرَهُ لِذَلِكَ. وَهُوَ الْمَذْهَبُ، وَصَحَّحَهُ فِي التَّصْحِيحِ، وَجَزَمَ بِهِ فِي الْوَجِيزِ، وَقَدَّمَهُ فِي الْمُحَرَّرِ، وَالْفُرُوعِ، وَغَيْرِهِمَا وَالْوَجْهُ الثَّانِي: يَضْمَنُهُ. وَهُوَ مِنْ خَطَإِ الْإِمَامِ، وَاخْتَارَهُ الْقَاضِي فِي الْمُجَرَّدِ.
فَائِدَةٌ: لَوْ أَمَرَ مَنْ لَا يُمَيِّزُ: بِذَلِكَ. قَالَهُ الْمُصَنِّفُ وَغَيْرُهُ. وَذَكَرَ الْأَكْثَرَ، وَجَزَمَ بِهِ فِي التَّرْغِيبِ، وَالرِّعَايَةِ: لَوْ أَمَرَ غَيْرَ الْمُكَلَّفِ بِذَلِكَ: ضَمِنَهُ. قَالَ فِي الْفُرُوعِ: وَلَعَلَّ مُرَادَ الشَّيْخِ يَعْنِي بِهِ الْمُصَنِّفَ مَا جَرَى بِهِ عُرْفٌ وَعَادَةٌ. كَقَرَابَةٍ وَصُحْبَةٍ، وَتَعْلِيمٍ وَنَحْوِهِ. فَهَذَا مُتَّجَهٌ، وَإِلَّا ضَمِنَهُ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute