قَالَ فِي الْكَافِي: ذَهَبَ فُقَهَاءُ أَصْحَابِنَا إلَى أَنَّ حُكْمَ الْخَوَارِجِ حُكْمُ الْبُغَاةِ. وَذَهَبَتْ طَائِفَةٌ مِنْ أَهْلِ الْحَدِيثِ إلَى أَنَّهُمْ كُفَّارٌ، حُكْمُهُمْ حُكْمُ الْمُرْتَدِّينَ. انْتَهَى. وَقَالَ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ - رَحِمَهُ اللَّهُ -: يُفَرِّقُ جُمْهُورُ الْعُلَمَاءِ بَيْنَ الْخَوَارِجِ وَالْبُغَاةِ الْمُتَأَوِّلِينَ. وَهُوَ الْمَعْرُوفُ عَنْ الصَّحَابَةِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ -. وَعَلَيْهِ عَامَّةُ أَهْلِ الْحَدِيثِ، وَالْفُقَهَاءِ، وَالْمُتَكَلِّمِينَ، وَنُصُوصِ أَكْثَرِ الْأَئِمَّةِ وَأَتْبَاعِهِمْ. قَالَ فِي الْفُرُوعِ: وَاخْتِيَارُ شَيْخِنَا يَخْرُجُ عَلَى وَجْهِ مَنْ صَوَّبَ غَيْرَ مُعَيَّنٍ. أَوْ وَقَفَ؛ لِأَنَّ عَلِيًّا - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - هُوَ الْمُصِيبُ. وَهِيَ أَقْوَالٌ فِي مَذْهَبِنَا. وَقَالَ فِي الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى: الْخَوَارِجُ بُغَاةٌ مُبْتَدِعَةٌ. يُكَفِّرُونَ مَنْ أَتَى كَبِيرَةً. وَلِذَلِكَ طَعَنُوا عَلَى الْأَئِمَّةِ، وَفَارَقُوا الْجَمَاعَةَ، وَتَرَكُوا الْجُمُعَةَ. وَمِنْهُمْ: مَنْ كَفَّرَ الصَّحَابَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ - وَسَائِرَ أَهْلِ الْحَقِّ، وَاسْتَحَلَّ دِمَاءَ الْمُسْلِمِينَ وَأَمْوَالَهُمْ. وَقِيلَ: هَؤُلَاءِ كُفَّارٌ كَالْمُرْتَدِّينَ. فَيَجُوزُ قَتْلُهُمْ ابْتِدَاءً، وَقَتْلُ أَسِيرِهِمْ، وَاتِّبَاعُ مُدْبِرِهِمْ. وَمَنْ قُدِرَ عَلَيْهِ مِنْهُمْ اُسْتُتِيبَ. فَإِنْ تَابَ وَإِلَّا قُتِلَ. وَهُوَ أَوْلَى. انْتَهَى. قُلْت: وَهُوَ الصَّوَابُ. قَالَ الزَّرْكَشِيُّ: الْخَوَارِجُ الَّذِينَ يُكَفِّرُونَ بِالذَّنْبِ، وَيُكَفِّرُونَ عُثْمَانَ، وَعَلِيًّا، وَطَلْحَةَ، وَالزُّبَيْرَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ -، وَيَسْتَحِلُّونَ دِمَاءَ الْمُسْلِمِينَ وَأَمْوَالَهُمْ فِيهِمْ رِوَايَتَانِ. حَكَاهُمَا الْقَاضِي فِي تَعْلِيقِهِ. إحْدَاهُمَا: هُمْ كُفَّارٌ. وَالثَّانِيَةُ: لَا يُحْكَمُ بِكُفْرِهِمْ.
تَنْبِيهٌ: قَوْلُهُ (فَإِنْ فَاءُوا وَإِلَّا قَاتَلَهُمْ الْإِمَامُ) . يَعْنِي وُجُوبًا، جَزَمَ بِهِ فِي الْمُغْنِي، وَالشَّرْحِ، وَالْقَاضِي، وَغَيْرِهِمْ. قَالَ الزَّرْكَشِيُّ: ظَاهِرُ قِصَّةِ الْحُسَيْنِ بْنِ عَلِيٍّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا -، وَقَوْلُهُ عَلَيْهِ أَفْضَلُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute