وَقَالَ الزَّرْكَشِيُّ فِي " بَابِ الْفِدْيَةِ ": ذَهَبَ كَثِيرٌ مِنْ مُتَقَدِّمِي الْأَصْحَابِ: إلَى أَنَّ لَهُ التَّكْفِيرَ بِإِذْنِ السَّيِّدِ، وَإِنْ لَمْ نَقُلْ بِمِلْكِهِ، بِنَاءً عَلَى أَحَدِ الْقَوْلَيْنِ، مِنْ أَنَّ الْكَفَّارَةَ لَا يُشْتَرَطُ دُخُولُهَا فِي مِلْكِ الْمُكَفَّرِ عَنْهُ، وَأَنَّهُ يَثْبُتُ لَهُ مِلْكٌ خَاصٌّ بِقَدْرِ مَا يُكَفِّرُ. انْتَهَى.
وَقَالَ فِي " كِتَابِ الظِّهَارِ ": ظَاهِرُ كَلَامِ أَبِي بَكْرٍ وَطَائِفَةٍ مِنْ مُتَقَدِّمِي الْأَصْحَابِ. وَإِلَيْهِ مَيْلُ أَبِي مُحَمَّدٍ جَوَازُ تَكْفِيرِهِ بِالْمَالِ بِإِذْنِ السَّيِّدِ. وَإِنْ لَمْ نَقُلْ إنَّهُ يَمْلِكُ. وَلَهُمْ مُدْرَكَانِ. أَحَدُهُمَا: أَنَّهُ يَمْلِكُ الْقَدْرَ الْمُكَفَّرَ بِهِ مِلْكًا خَاصًّا. وَالثَّانِي: أَنَّ الْكَفَّارَةَ لَا يَلْزَمُ أَنْ تَدْخُلَ فِي مِلْكِ الْمُكَفِّرِ. انْتَهَى. وَوَجْهُ التَّفْرِيقِ بَيْنَ الْعِتْقِ وَالْإِطْعَامِ: أَنَّ التَّكْفِيرَ بِالْعِتْقِ يَحْتَاجُ إلَى مِلْكٍ بِخِلَافِ الْإِطْعَامِ. ذَكَرَهُ ابْنُ أَبِي مُوسَى. وَلِهَذَا لَوْ أَمَرَ مَنْ عَلَيْهِ الْكَفَّارَةُ رَجُلًا أَنْ يُطْعِمَ عَنْهُ، فَفَعَلَ: أَجْزَأَ. وَلَوْ أَمَرَهُ أَنْ يَعْتِقَ عَنْهُ: فَفِي إجْزَائِهِ عَنْهُ رِوَايَتَانِ. وَلَوْ تَبَرَّعَ الْوَارِثُ بِالْإِطْعَامِ الْوَاجِبِ عَنْ مُورِثِهِ: صَحَّ. وَلَوْ تَبَرَّعَ عَنْهُ بِالْعِتْقِ: لَمْ يَصِحَّ. وَلَوْ أَعْتَقَ الْأَجْنَبِيُّ عَنْ الْمَوْرُوثِ: لَمْ يَصِحَّ. وَلَوْ أَطْعَمَ عَنْهُ فَوَجْهَانِ. وَقَالَ فِي الْفُرُوعِ: وَيُكَفِّرُ الْعَبْدُ بِالْإِطْعَامِ بِإِذْنِهِ. وَقِيلَ: وَلَوْ لَمْ يَمْلِكْ. وَفِيهِ بِعِتْقٍ رِوَايَتَانِ. اخْتَارَ أَبُو بَكْرٍ وَمَالَ إلَيْهِ الْمُصَنِّفُ وَغَيْرُهُ جَوَازَ تَكْفِيرِهِ بِالْعِتْقِ. قَالَ فِي الْفُرُوعِ: فَإِنْ جَازَ وَأَطْلَقَ، فَفِي عِتْقِهِ نَفْسَهُ وَجْهَانِ. انْتَهَى. وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْمُغْنِي، وَالشَّرْحِ، وَالْقَوَاعِدِ الْأُصُولِيَّةِ. قُلْت: الصَّوَابُ الْجَوَازُ وَالْإِجْزَاءُ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute