وَحَكَى رِوَايَةً. وَقَدَّمَهُ الْقَاضِي بِمُوَافَقَتِهِ لِلْوَضْعِ. وَعَنْهُ: يُقَدَّمُ عُمُومُ لَفْظِهِ عَلَى سَبَبِ الْيَمِينِ احْتِيَاطًا. وَذَكَرَ الْقَاضِي: وَعَلَى النِّيَّةِ أَيْضًا. انْتَهَى. وَقَالَ الزَّرْكَشِيُّ: اعْتَمَدَ عَامَّةُ الْأَصْحَابِ تَقْدِيمَ النِّيَّةِ عَلَى السَّبَبِ. وَعَكَسَ ذَلِكَ الشِّيرَازِيُّ. فَقَدَّمَ السَّبَبَ عَلَى النِّيَّةِ. انْتَهَى. قُلْت: وَقَطَعَ بِهِ فِي الْإِرْشَادِ. وَقَوْلُ صَاحِبِ الْفُرُوعِ " وَقَدَّمَ الْخِرَقِيُّ السَّبَبَ عَلَى النِّيَّةِ " غَيْرُ مُسَلَّمٍ. وَقَالَ الزَّرْكَشِيُّ أَيْضًا لَمَّا تَكَلَّمَ عَلَى كَلَامِ الْخِرَقِيِّ: إذَا لَمْ يَنْوِ شَيْئًا لَا ظَاهِرَ اللَّفْظِ، وَلَا غَيْرَ ظَاهِرِهِ رَجَعَ إلَى سَبَبِ الْيَمِينِ وَمَا هَيَّجَهَا، أَيْ أَثَارَهَا. فَإِذَا حَلَفَ " لَا يَأْوِي مَعَ امْرَأَتِهِ فِي هَذِهِ الدَّارِ " وَكَانَ سَبَبُ يَمِينِهِ غَيْظًا مِنْ جِهَةِ الدَّارِ لِضَرَرٍ لَحِقَهُ مِنْ جِيرَانِهَا، أَوْ مِنَّةٍ حَصَلَتْ عَلَيْهِ بِهَا وَنَحْوِ ذَلِكَ: اخْتَصَّتْ يَمِينُهُ بِهَا كَمَا هُوَ مُقْتَضَى اللَّفْظِ. وَإِنْ كَانَ لِغَيْظٍ مِنْ الْمَرْأَةِ يَقْتَضِي جَفَاءَهَا، وَلَا أَثَرَ لِلدَّارِ فِيهِ: تَعَدَّى ذَلِكَ إلَى كُلِّ دَارٍ لِلْمَحْلُوفِ عَلَيْهَا بِالنَّصِّ وَمَا عَدَاهَا بِعِلَّةِ الْجَفَاءِ الَّتِي اقْتَضَاهَا السَّبَبُ. وَكَذَلِكَ إذَا حَلَفَ (لَا يَدْخُلُ بَلَدًا) لِظُلْمٍ رَآهُ فِيهِ، وَ (لَا يُكَلِّمُ زَيْدًا) لِشُرْبِهِ الْخَمْرَ. فَزَالَ الظُّلْمُ، وَتَرَكَ زَيْدٌ شُرْبَ الْخَمْرِ: جَازَ لَهُ الدُّخُولُ وَالْكَلَامُ، لِزَوَالِ الْعِلَّةِ الْمُقْتَضِيَةِ لِلْيَمِينِ.
وَكَلَامُ الْخِرَقِيِّ يَشْمَلُ مَا إذَا كَانَ اللَّفْظُ خَاصًّا، وَالسَّبَبُ يَقْتَضِي التَّعْمِيمَ، كَمَا مَثَّلْنَاهُ أَوَّلًا، أَوْ كَانَ اللَّفْظُ عَامًا وَالسَّبَبُ يَقْتَضِي التَّخْصِيصَ، كَمَا مَثَّلْنَاهُ ثَانِيًا. وَلَا نِزَاعَ بَيْنَ الْأَصْحَابِ فِيمَا عَلِمْت فِي الرُّجُوعِ إلَى السَّبَبِ الْمُقْتَضِي لِلتَّعْمِيمِ وَاخْتُلِفَ فِي عَكْسِهِ. فَقِيلَ: فِيهِ وَجْهَانِ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute