فَائِدَتَانِ إحْدَاهُمَا: مِثْلُ ذَلِكَ فِي الْحَكَمِ: لَوْ نَذَرَهُ فِي حَالِ عَجْزِهِ عَنْهُ. قَالَهُ الْأَصْحَابُ. وَقِيلَ: لَا يَصِحُّ نَذْرُهُ. نَقَلَ أَبُو طَالِبٍ: مَا كَانَ نَذْرَ مَعْصِيَةٍ أَوْ لَا يَقْدِرُ عَلَيْهِ: فَفِيهِ كَفَّارَةُ يَمِينٍ. وَتَقَدَّمَتْ رِوَايَةُ الشَّالَنْجِيِّ. قَالَ فِي الْفُرُوعِ: وَمُرَادُهُمْ غَيْرُ الْحَجِّ عَنْهُ. قَالَ: وَالْمُرَادُ وَلَا يُطِيقُهُ وَلَا شَيْئًا مِنْهُ. وَإِلَّا أَتَى بِمَا يُطِيقُهُ مِنْهُ وَكَفَّرَ لِلْبَاقِي. قَالَ: وَكَذَا أَطْلَقَ شَيْخُنَا، يَعْنِي: بِهِ الشَّيْخَ تَقِيَّ الدِّينِ - رَحِمَهُ اللَّهُ -. قَالَ: الْقَادِرُ عَلَى فِعْلِ الْمَنْذُورِ يَلْزَمُهُ. وَإِلَّا فَلَهُ أَنْ يُكَفِّرَ. انْتَهَى. فَأَمَّا إنْ نَذَرَ مَنْ لَا يَجِدُ زَادًا وَرَاحِلَةً الْحَجَّ، فَإِنْ وَجَدَهُمَا بَعْدَ ذَلِكَ: لَزِمَهُ بِالنَّذْرِ السَّابِقِ. وَإِلَّا لَمْ يَلْزَمْهُ كَالْحَجِّ الْوَاجِبِ بِأَصْلِ الشَّرْعِ. ذَكَرَهُ الْقَاضِي فِي الْخِلَافِ فِي فِعْلِ الْوَلِيِّ عَنْهُ. وَقَالَ فِي عُيُونِ الْمَسَائِلِ فِي ضَمَانِ الْمَجْهُولِ أَكْثَرُ مَا فِيهِ: أَنْ يُظْهِرَ مِنْ الدِّينِ مَا يَعْجِزُ عَنْ أَدَائِهِ. وَذَلِكَ لَا يَمْنَعُ صِحَّةَ الضَّمَانِ. كَمَا لَوْ نَذَرَ أَلْفَ حَجَّةٍ، وَالصَّدَقَةَ بِمِائَةِ أَلْفِ دِينَارٍ، وَلَا يَمْلِكُ قِيرَاطًا: فَإِنَّهُ يَصِحُّ. لِأَنَّهُ وَرَّطَ نَفْسَهُ فِي ذَلِكَ بِرِضَاهُ. انْتَهَى. وَقِيلَ: لَا يَنْعَقِدُ نَذْرُ الْعَاجِزِ.
الثَّانِيَةُ: لَوْ نَذَرَ غَيْرَ الصِّيَامِ كَالصَّلَاةِ وَنَحْوِهَا وَعَجَزَ عَنْهُ: فَلَيْسَ عَلَيْهِ إلَّا الْكَفَّارَةُ.
قَوْلُهُ (وَإِنْ) (نَذَرَ الْمَشْيَ إلَى بَيْتِ اللَّهِ تَعَالَى، أَوْ مَوْضِعٍ مِنْ الْحَرَمِ) . أَوْ مَكَّةَ وَأَطْلَقَ (لَمْ يُجْزِئْهُ إلَّا أَنْ يَمْشِيَ فِي حَجٍّ أَوْ عُمْرَةٍ) . لِأَنَّهُ مَشْيٌ إلَى عِبَادَةٍ. وَالْمَشْيُ إلَى الْعِبَادَةِ أَفْضَلُ. وَمُرَادُهُ وَمُرَادُ غَيْرِهِ: يَلْزَمُهُ الْمَشْيُ، مَا لَمْ يَنْوِ إتْيَانَهُ. لَا حَقِيقَةَ الْمَشْيِ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute