قُلْت: وَجَزَمَ بِهِ فِي الْفَائِقِ، وَقِيلَ: يُشْتَرَطُ فِي الصَّلَاةِ وَالصَّوْمِ وَنَحْوِهِمَا، دُونَ الطَّهَارَةِ وَالتَّيَمُّمِ قَوْلُهُ (فَإِنْ تَقَدَّمَتْ قَبْلَ ذَلِكَ بِالزَّمَنِ الْيَسِيرِ جَازَ) هَذَا الْمَذْهَبُ، وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأَصْحَابِ. وَقَطَعَ بِهِ كَثِيرٌ مِنْهُمْ، وَحَمَلَ الْقَاضِي كَلَامَ الْخِرَقِيِّ عَلَيْهِ، وَقَالَ فِي التَّبْصِرَةِ: يَجُوزُ، مَا لَمْ يَتَكَلَّمْ، وَقِيلَ: يَجُوزُ بِزَمَنٍ طَوِيلٍ أَيْضًا، مَا لَمْ يَفْسَخْهَا.
نَقَلَ أَبُو طَالِبٍ وَغَيْرُهُ " إذَا خَرَجَ مِنْ بَيْتِهِ يُرِيدُ الصَّلَاةَ فَهُوَ نِيَّةٌ. أَتُرَاهُ كَبَّرَ وَهُوَ لَا يَنْوِي الصَّلَاةَ؟ " وَهَذَا مُقْتَضَى كَلَامِ الْخِرَقِيِّ وَاخْتَارَهُ الْآمِدِيُّ وَالشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ فِي شَرْحِ الْعُمْدَةِ، وَقَالَ الْآجُرِّيُّ: لَا يَجُوزُ تَقْدِيمُهَا مُطْلَقًا قُلْت: وَفِيهِ حَرَجٌ وَمَشَقَّةٌ فَعَلَى الْقَوْلِ بِالتَّقْدِيمِ: لَوْ تَكَلَّمَ بَعْدَهَا وَقَبْلَ التَّكْبِيرِ لَمْ تَبْطُلْ عَلَى الصَّحِيحِ مِنْ الْمَذْهَبِ وَقِيلَ: تَبْطُلُ كَمَا لَوْ كَفَرَ.
تَنْبِيهٌ: اشْتَرَطَ الْخِرَقِيُّ فِي التَّقْدِيمِ: أَنْ يَكُونَ بَعْدَ دُخُولِ الْوَقْتِ. وَعَلَيْهِ شَرْحُ ابْنِ الزَّاغُونِيِّ وَغَيْرِهِ، وَقَالَهُ الْقَاضِي أَبُو يَعْلَى وَوَلَدُهُ أَبُو الْحَسَنِ، وَصَاحِبُ الْمُذْهَبِ، وَالْمُسْتَوْعِبِ، وَالرِّعَايَتَيْنِ، وَالْحَاوِيَيْنِ، وَغَيْرُهُمْ وَجَزَمَ بِهِ فِي الْوَجِيزِ وَغَيْرِهِ، وَأَكْثَرُ الْأَصْحَابِ لَا يَشْتَرِطُونَ ذَلِكَ، وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ هُنَا وَغَيْرِهِ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ: إمَّا لِإِهْمَالِهِمْ لَهُ، أَوْ اعْتِمَادًا عَلَى الْغَالِبِ، وَظَاهِرُ مَا قَدَّمَهُ فِي الْفُرُوعِ لَا يَشْتَرِطُ ذَلِكَ، قَالَهُ فِي الْفَائِقِ بَعْدَ حِكَايَةِ الْخِلَافِ قَالَ الْقَاضِي: وَقَبْلَ الْوَقْتِ لَا يَجُوزُ. انْتَهَى. قُلْت: الْمَسْأَلَةُ تَحْتَمِلُ وَجْهَيْنِ اخْتِيَارُ الْقَاضِي وَغَيْرِهِ عَدَمَ الْجَوَازِ، وَظَاهِرُ كَلَامِ غَيْرِهِمْ الْجَوَازُ، لَكِنْ لَمْ أَرَ بِالْجَوَازِ تَصْرِيحًا.
فَائِدَتَانِ. إحْدَاهُمَا: يُشْتَرَطُ لِصِحَّةِ تَقَدُّمِهَا عَدَمُ فَسْخِهَا وَبَقَاءُ إسْلَامِهِ قَالَ الْقَاضِي
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute