وَقَالَ الْأَصْحَابُ وَنَصَّ عَلَيْهِ الْإِمَامُ أَحْمَدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ -: لَوْ جَاءَهُ بِالسَّلَمِ قَبْلَ مَحَلِّهِ، وَلَا ضَرَرَ فِي قَبْضِهِ: لَزِمَهُ ذَلِكَ. فَإِنْ امْتَنَعَ مِنْ الْقَبْضِ قِيلَ لَهُ: إمَّا أَنْ تَقْبِضَ حَقَّك أَوْ تَبْرَأ مِنْهُ. فَإِنْ أَبَى: رُفِعَ الْأَمْرُ إلَى الْحَاكِمِ. عَلَى مَا تَقَدَّمَ فِي بَابِ السَّلَمِ. وَكَذَا فِي الْكِتَابَةِ. فَيُسْتَنْبَطُ مِنْ ذَلِكَ كُلِّهِ: صِحَّةُ الدَّعْوَى الْمَقْلُوبَةِ.
الثَّانِيَةُ: لَا تَصِحُّ الدَّعْوَى وَالْإِنْكَارُ إلَّا مِنْ جَائِزِ التَّصَرُّفِ. وَقَدْ صَرَّحَ بِهِ الْمُصَنِّفُ فِي أَوَّلِ " بَابِ الدَّعَاوَى وَالْبَيِّنَاتِ " فِي قَوْلِهِ " وَلَا تَصِحُّ الدَّعْوَى وَالْإِنْكَارُ إلَّا مِنْ جَائِزِ التَّصَرُّفِ " انْتَهَى. وَتَصِحُّ الدَّعْوَى عَلَى السَّفِيهِ مِمَّا يُؤْخَذُ بِهِ فِي حَالِ عَجْزِهِ لِسَفَهٍ، وَبَعْدَ فَكِّ حَجْرِهِ. وَيَحْلِفُ إذَا أَنْكَرَ. قَوْلُهُ (ثُمَّ يَقُولُ لِلْخَصْمِ: مَا تَقُولُ فِيمَا ادَّعَاهُ؟) . هَذَا الْمَذْهَبُ. قَالَ فِي الْمُحَرَّرِ، وَغَيْرِهِ: هَذَا أَصَحُّ. وَجَزَمَ بِهِ فِي الْهِدَايَةِ، وَالْخُلَاصَةِ، وَالْوَجِيزِ، وَالْمُنَوِّرِ، وَمُنْتَخَبِ الْأَدَمِيِّ، وَتَذْكِرَةِ ابْنِ عَبْدُوسٍ، وَغَيْرِهِمْ. وَقَدَّمَهُ فِي الْمُحَرَّرِ، وَالنَّظْمِ، وَالرِّعَايَتَيْنِ، وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ، وَالْفُرُوعِ، وَالْمُغْنِي، وَالشَّرْحِ وَنَصَرَاهُ. وَيُحْتَمَلُ أَنْ لَا يَمْلِكُ سُؤَالَهُ، حَتَّى يَقُولَ الْمُدَّعِي " وَأَسْأَلُ سُؤَالَهُ عَنْ ذَلِكَ ". وَفِي الْمَذْهَبِ، وَالْمُسْتَوْعِبِ: وَجْهَانِ.
تَنْبِيهٌ:
ظَاهِرُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ، وَغَيْرِهِ: أَنَّ الدَّعْوَى تُسْمَعُ فِي الْقَلِيلِ وَالْكَثِيرِ. وَهُوَ كَذَلِكَ. وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأَصْحَابِ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute