لِأَنَّ التَّنْفِيذَ يَتَضَمَّنُ الْحُكْمَ بِصِحَّةِ الْحُكْمِ الْمُنَفَّذِ. إذَا كَانَ لَا يَرَى صِحَّتَهُ: لَمْ يَلْزَمْهُ الْحُكْمُ بِصِحَّتِهِ. انْتَهَى وَقَالَ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ - رَحِمَهُ اللَّهُ -: إذَا صَادَفَ حُكْمَهُ مُخْتَلَفًا فِيهِ لَمْ يَعْلَمْهُ وَلَمْ يَحْكُمْ فِيهِ: جَازَ نَقْضُهُ.
الْخَامِسَةُ: قَالَ شَارِحُ الْمُحَرَّرِ هُنَا: نَفْسُ الْحُكْمِ فِي شَيْءٍ لَا يَكُونُ حُكْمًا بِصِحَّةِ الْحُكْمِ فِيهِ، لَكِنْ لَوْ نَفَذَهُ حَاكِمٌ آخَرُ: لَزِمَهُ إنْفَاذُهُ. لِأَنَّ الْحُكْمَ الْمُخْتَلَفَ فِيهِ صَارَ مَحْكُومًا بِهِ، فَلَزِمَ تَنْفِيذُهُ كَغَيْرِهِ. قَالَ شَيْخُنَا الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ بْنُ قُنْدُسٍ الْبَعْلِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ -: قَدْ فُهِمَ مِنْ كَلَامِ الشَّارِحِ: أَنَّ التَّنْفِيذَ حُكْمٌ. لِأَنَّهُ قَالَ " لَوْ نَفَّذَهُ حَاكِمٌ آخَرُ لَزِمَهُ تَنْفِيذُهُ لِأَنَّ الْحُكْمَ الْمُخْتَلَفَ فِيهِ صَارَ مَحْكُومًا بِهِ. وَإِنَّمَا صَارَ مَحْكُومًا بِهِ بِالتَّنْفِيذِ، لِأَنَّهُ لَمْ يَحْكُمْ بِهِ، وَإِنَّمَا نَفَّذَهُ " فَجَعَلَ التَّنْفِيذَ حُكْمًا. وَكَذَلِكَ فَسَّرَ التَّنْفِيذَ بِالْحُكْمِ فِي شَرْحِ الْمُقْنِعِ الْكَبِيرِ. فَإِنَّهُ قَالَ عِنْدَ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ: فَهَلْ يُنَفِّذُهُ؟ عَلَى رِوَايَتَيْنِ.
إحْدَاهُمَا: يُنَفِّذُهُ. وَعَلَّلَهُ بِأَنَّهُ حُكْمُ حَاكِمٍ لَمْ يَعْلَمْهُ. فَلَمْ يَجُزْ إنْفَاذُهُ إلَّا بِبَيِّنَةٍ.
وَالرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ: يَحْكُمُ بِهِ. فَفَسَّرَ رِوَايَةَ التَّنْفِيذِ بِالْحُكْمِ. لَكِنْ قَالَ فِي مَسْأَلَةِ: مَا إذَا ادَّعَى أَنَّ الْحَاكِمَ حَكَمَ لَهُ بِحَقٍّ، فَذَكَرَ الْحَاكِمُ حُكْمَهُ: أَمْضَاهُ. وَأَلْزَمَ خَصْمَهُ بِمَا حَكَمَ بِهِ عَلَيْهِ. وَلَيْسَ هَذَا حُكْمًا بِالْعِلْمِ وَإِنَّمَا هُوَ إمْضَاءٌ لِحُكْمِهِ السَّابِقِ. فَصَرَّحَ: أَنَّهُ لَيْسَ حُكْمًا، مَعَ أَنَّ رِوَايَةَ التَّنْفِيذِ الْمُتَقَدِّمَةِ الَّتِي فَسَّرَهَا بِالْحُكْمِ: إنَّمَا هِيَ إمْضَاءٌ لِحُكْمِهِ الَّذِي وَجَدَهُ فِي قِمْطَرِهِ فَهُمَا بِمَعْنًى وَاحِدٍ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute