وَإِنْ لَمْ يَحْكُمْ الْمَالِكِيُّ، بَلْ قَالَ " ثَبَتَ كَذَا " فَكَذَلِكَ. لِأَنَّ الثُّبُوتَ عِنْدَ الْمَالِكِيِّ حُكْمٌ. ثُمَّ إنْ رَأَى الْحَنْبَلِيُّ الثُّبُوتَ حُكْمًا: نَفَّذَهُ، وَإِلَّا فَالْخِلَافُ فِي قُرْبِ الْمَسَافَةِ وَلُزُومُ الْحَنْبَلِيِّ تَنْفِيذُهُ: يَنْبَنِي عَلَى لُزُومِ تَنْفِيذِ الْحُكْمِ الْمُخْتَلِفِ فِيهِ، عَلَى مَا تَقَدَّمَ وَحُكْمُ الْمَالِكِيِّ مَعَ عِلْمِهِ بِاخْتِلَافِ الْعُلَمَاءِ فِي الْخَطِّ لَا يَمْنَعُ كَوْنَهُ مُخْتَلَفًا فِيهِ. وَلِهَذَا لَا يُنَفِّذُهُ الْحَنَفِيَّةُ حَتَّى يُنَفِّذَهُ حَاكِمٌ. وَلِلْحَنْبَلِيِّ الْحَكَمُ بِصِحَّةِ الْوَقْفِ الْمَذْكُورِ مَعَ بُعْدِ الْمَسَافَةِ. وَمَعَ قُرْبِهَا: الْخِلَافُ لِأَنَّهُ نَقَلَ إلَيْهِ ثُبُوتَهُ مُجَرَّدًا. قَالَهُ ابْنُ نَصْرِ اللَّهِ. وَقَالَ: وَمِثْلُ ذَلِكَ لَوْ ثَبَتَ عِنْدَ حَنْبَلِيٍّ وَقْفٌ عَلَى النَّفْسِ، وَلَمْ يَحْكُمْ بِهِ، وَنَقَلَ الثُّبُوتَ إلَى حَاكِمٍ شَافِعِيٍّ: فَلَهُ الْحُكْمُ وَبُطْلَانُ الْوَقْفِ. وَأَمْثِلَتُهُ كَثِيرَةٌ.
فَائِدَةٌ:
لَوْ سَمِعَ الْبَيِّنَةَ، وَلَمْ يُعَدِّلْهَا، وَجَعَلَهَا إلَى آخَرَ: جَازَ، مَعَ بُعْدِ الْمَسَافَةِ قَالَهُ فِي التَّرْغِيبِ. وَاقْتَصَرَ عَلَيْهِ فِي الْفُرُوعِ.
تَنْبِيهٌ: قَوْلُهُ (وَيَجُوزُ أَنْ يَكْتُبَ إلَى قَاضٍ مُعَيَّنٍ، وَإِلَى مَنْ يَصِلُ إلَيْهِ كِتَابِي هَذَا مِنْ قُضَاةِ الْمُسْلِمِينَ وَحُكَّامِهِمْ) . قَالَ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ - رَحِمَهُ اللَّهُ - وَتَعْيِينُ الْقَاضِي الْكَاتِبَ: كَشُهُودِ الْأَصْلِ. وَقَدْ يُخْبِرُ الْمَكْتُوبَ إلَيْهِ. قَالَ الْأَصْحَابُ فِي شُهُودِ الْأَصْلِ: يُعْتَبَرُ تَعْيِينُهُمْ لَهُمْ. قَالَ الْقَاضِي: حَتَّى لَوْ قَالَ تَابِعِيَّانِ " أَشْهَدَنَا صَحَابِيَّانِ " لَمْ يَجُزْ حَتَّى يُعَيِّنَاهُمَا قَوْلُهُ (فَإِذَا وَصَلَا إلَى الْمَكْتُوبِ إلَيْهِ: دَفَعَا إلَيْهِ الْكِتَابَ، وَقَالَا:
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute