للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فَائِدَةٌ: الَّذِي يَظْهَرُ: أَنَّ مُرَادَ مَنْ أَطْلَقَ فِي هَذَا الْبَابِ: غَيْرُ صَلَاةِ الْخَوْفِ إذَا كَانَ الْعَدُوُّ فِي الْقِبْلَةِ فَإِنَّهُمْ لَا يَنْظُرُونَ إلَى مَوْضِعِ سُجُودِهِمْ، وَإِنَّمَا يَنْظُرُونَ إلَى الْعَدُوِّ، وَكَذَا إذَا اشْتَدَّ الْخَوْفُ، أَوْ كَانَ خَائِفًا مِنْ سَيْلٍ، أَوْ سَبُعٍ، أَوْ فَوْتِ الْوُقُوفِ بِعَرَفَةَ، أَوْ ضَيَاعِ مَالِهِ، وَشِبْهِ ذَلِكَ مِمَّا يَحْصُلُ لَهُ بِهِ ضَرَرٌ إذَا نَظَرَ إلَى مَوْضِعِ سُجُودِهِ، فَإِنَّهُمْ لَا يَنْظُرُونَ فِي هَذِهِ الْحَالَاتِ إلَى مَوْضِعِ سُجُودِهِ، بَلْ لَا يُسْتَحَبُّ، وَلَوْ قِيلَ بِتَحْرِيمِ ذَلِكَ لَكَانَ قَوِيًّا، بَلْ لَعَلَّهُ مُرَادُهُمْ، وَهَذَا فِي النَّظَرِ هُوَ الصَّوَابُ الَّذِي لَا يُعْدَلُ عَنْهُ فَإِنَّ فِعْلَ ذَلِكَ وَاجِبٌ فِي بَعْضِ الصُّوَرِ، وَالنَّظَرَ إلَى مَوْضِعِ سُجُودِهِ مُسْتَحَبٌّ فَلَا يَتْرُكُ الْوَاجِبَ لِأَمْرٍ مُسْتَحَبٍّ، وَهُوَ وَاضِحٌ.

قَوْلُهُ (ثُمَّ يَقُولُ: سُبْحَانَك اللَّهُمَّ وَبِحَمْدِك، وَتَبَارَكَ اسْمُك، وَتَعَالَى جَدُّك، وَلَا إلَهَ غَيْرُك) هَذَا الِاسْتِفْتَاحُ هُوَ الْمُسْتَحَبُّ عِنْدَ الْإِمَامِ أَحْمَدَ وَجُمْهُورِ أَصْحَابِهِ وَقَطَعَ بِهِ أَكْثَرُهُمْ، وَاخْتَارَ الْآجُرِّيُّ الِاسْتِفْتَاحَ بِخَبَرِ عَلِيٍّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - كُلِّهِ، وَهُوَ وَجَّهْتُ وَجْهِي إلَى آخِرِهِ " وَاخْتَارَ ابْنُ هُبَيْرَةَ وَالشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ جَمْعَهُمَا وَاخْتَارَ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ أَيْضًا: أَنَّهُ يَقُولُ هَذَا تَارَةً وَهَذَا أُخْرَى. قُلْت: وَهُوَ الصَّوَابُ، جَمْعًا بَيْنَ الْأَدِلَّةِ.

قَوْلُهُ (ثُمَّ يَقُولُ: أَعُوذُ بِاَللَّهِ مِنْ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ) ، وَكَيْفَمَا تَعَوَّذَ مِنْ الْوَارِدِ كَانَ لَكِنَّ أَكْثَرَ الْأَصْحَابِ عَلَى أَنَّهُ يَسْتَعِيذُ، كَمَا قَالَ الْمُصَنِّفُ، وَعَنْهُ يَقُولُ مَعَ ذَلِكَ " إنَّ اللَّهَ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ " اخْتَارَهُ أَبُو بَكْرٍ فِي التَّنْبِيهِ، وَالْقَاضِي فِي الْمُجَرَّدِ، وَابْنُ عَقِيلٍ، وَعَنْهُ يَقُولُ " أَعُوذُ بِاَللَّهِ السَّمِيعِ الْعَلِيمِ مِنْ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ " جَزَمَ بِهِ فِي

<<  <  ج: ص:  >  >>