وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِهِ فِي الْمَذْهَبِ، وَذَكَرَ الْقَاضِي، وَصَاحِبُ التَّبْصِرَةِ، وَالتَّرْغِيبِ، وَالْمُحَرَّرِ، وَالنَّظْمِ، وَالْوَجِيزِ، وَغَيْرُهُمْ، أَدَاءَ الْفَرَائِضِ بِسُنَنِهَا الرَّاتِبَةِ، وَقَالَ فِي الْهِدَايَةِ، وَالْمُسْتَوْعِبِ، وَالْخُلَاصَةِ: بِسُنَنِهَا، وَلَمْ يَذْكُرْ " الرَّاتِبَةَ " وَقَدْ أَوْمَأَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ - إلَى مَا ذَكَرَهُ الْقَاضِي، وَالْجَمَاعَةُ، كَقَوْلِهِ فِيمَنْ يُوَاظِبُ عَلَى تَرْكِ سُنَنِ الصَّلَاةِ: رَجُلُ سُوءٍ، وَنَقَلَ أَبُو طَالِبٍ: لَوْ تَرَكَ سُنَّةً سَنَّهَا النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، فَمَنْ تَرَكَ سُنَّةً مِنْ سُنَنِهِ: فَهُوَ رَجُلُ سُوءٍ، وَقَالَ الْقَاضِي: يَأْثَمُ، قَالَ فِي الْفُرُوعِ: وَمُرَادُهُ لِأَنَّهُ لَا يَسْلَمُ مِنْ تَرْكِ فَرْضٍ، وَإِلَّا فَلَا يَأْثَمُ بِتَرْكِ سُنَّةٍ، وَإِنَّمَا قَالَ هَذَا الْإِمَامُ أَحْمَدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ - فِيمَنْ تَرَكَهَا طُولَ عُمُرِهِ، أَوْ أَكْثَرَهُ، فَإِنَّهُ يَفْسُقُ بِذَلِكَ وَكَذَلِكَ جَمِيعُ السُّنَنِ الرَّاتِبَةِ إذَا دَاوَمَ عَلَى تَرْكِهَا؛ لِأَنَّهُ بِالْمُدَاوَمَةِ يَكُونُ رَاغِبًا عَنْ السُّنَّةِ، وَتَلْحَقُهُ التُّهْمَةُ بِأَنَّهُ غَيْرُ مُعْتَقِدٍ لِكَوْنِهَا سُنَّةً، وَكَلَامُ الْإِمَامِ أَحْمَدَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - خَرَجَ عَلَى هَذَا، وَكَذَا قَالَ فِي الْفُصُولِ: الْإِدْمَانُ عَلَى تَرْكِ هَذِهِ السُّنَنِ غَيْرُ جَائِرٍ، وَاحْتَجَّ بِقَوْلِ الْإِمَامِ أَحْمَدَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - فِي الْوِتْرِ، وَقَالَ بَعْدَ قَوْلِ الْإِمَامِ أَحْمَدَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فِي الْوِتْرِ: وَهَذَا يَقْتَضِي أَنَّهُ يُحْكَمُ بِفِسْقِهِ، قُلْت: فَيُعَايَى بِهَا عَلَى قَوْلِ الْقَاضِي وَابْنِ عَقِيلٍ، وَنَقَلَ جَمَاعَةٌ مَنْ تَرَكَ الْوِتْرَ فَلَيْسَ بِعَدْلٍ وَقَالَهُ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ - رَحِمَهُ اللَّهُ - فِي الْجَمَاعَةِ، عَلَى أَنَّهَا سُنَّةٌ؛ لِأَنَّهُ يُسَمَّى نَاقِصَ الْإِيمَانِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute