وَكُلُّ نَاكِلٍ لَا يُقْضَى عَلَيْهِ بِالنُّكُولِ كَاللِّعَانِ وَنَحْوِهِ: فَهَلْ يُخَلَّى سَبِيلُهُ، أَوْ يُحْبَسُ حَتَّى يُقِرَّ، أَوْ يَحْلِفَ؟ عَلَى وَجْهَيْنِ. وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْمُحَرَّرِ، وَالرِّعَايَتَيْنِ، وَالْحَاوِي، وَالْفُرُوعِ.
أَحَدِهِمَا: يُخَلَّى سَبِيلُهُ. اخْتَارَهُ ابْنُ عَبْدُوسٍ فِي تَذْكِرَتِهِ، وَالنَّاظِمُ. وَصَحَّحَهُ فِي تَصْحِيحِ الْمُحَرَّرِ.
وَالْوَجْهُ الثَّانِي: يُحْبَسُ حَتَّى يُقِرَّ أَوْ يَحْلِفَ. قَدَّمَهُ فِي تَجْرِيدِ الْعِنَايَةِ. قُلْت: هَذَا الْمَذْهَبُ فِي اللِّعَانِ. وَقَدْ تَقَدَّمَ فِي بَابِهِ مُحَرَّرًا. وَتَقَدَّمَ نَظِيرُ ذَلِكَ فِي " بَابِ طَرِيقِ الْحُكْمِ وَصِفَتِهِ ". قَالَ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ - رَحِمَهُ اللَّهُ -: إذَا قُلْنَا: يُحْبَسُ، فَيَنْبَغِي جَوَازُ ضَرْبِهِ، كَمَا يُضْرَبُ الْمُمْتَنِعُ مِنْ اخْتِيَارِ إحْدَى نِسَائِهِ إذَا أَسْلَمَ، وَالْمُمْتَنِعُ مِنْ قَضَاءِ الدَّيْنِ. كَمَا يُضْرَبُ الْمُقِرُّ بِالْمَجْهُولِ حَتَّى يُفَسِّرَ.
الثَّالِثَةُ: قَالَ فِي التَّرْغِيبِ وَغَيْرِهِ: لَا يَحْلِفُ شَاهِدٌ، وَلَا حَاكِمٌ وَلَا وَصِيٌّ: عَلَى نَفْيِ دَيْنٍ عَلَى الْمُوصِي، وَلَا مُنْكِرٌ وَكَالَةَ وَكِيلٍ. وَقَالَ فِي الرِّعَايَةِ: لَا يَحْلِفُ مُدَّعًى عَلَيْهِ بِقَوْلِ مُدَّعٍ لِيَحْلِفَ " أَنَّهُ مَا أَحَلَفَنِي أَنِّي مَا أُحَلِّفُهُ ". وَقَالَ فِي التَّرْغِيبِ: وَلَا مُدَّعٍ طَلَبَ يَمِينِ خَصْمِهِ. فَقَالَ " لِيَحْلِفَ أَنَّهُ مَا أَحَلَفَنِي " فِي الْأَصَحِّ. وَإِنْ ادَّعَى وَصِيٌّ وَصِيَّةً لِلْفُقَرَاءِ، فَأَنْكَرَ الْوَرَثَةُ: حُبِسُوا. عَلَى الصَّحِيحِ مِنْ الْمَذْهَبِ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute