وَهَذِهِ إحْدَى الطَّرِيقَتَيْنِ لِلْأَصْحَابِ، وَاخْتِيَارُ الْمُصَنِّفِ وَالشَّارِحِ وَجَزَمَ بِهِ فِي الْإِفَادَاتِ وَقَدَّمَهُ فِي النَّظْمِ، وَالطَّرِيقَةُ الثَّانِيَةُ: الْخِلَافُ جَارٍ فِي الْجَمِيعِ؛ لِأَنَّ الْحَاجَةَ إلَى الْكَلَامِ هُنَا قَدْ تَكُونُ أَشَدَّ كَإِمَامٍ نَسِيَ الْقِرَاءَةَ وَنَحْوَهَا فَإِنَّهُ يَحْتَاجُ أَنْ يَأْتِيَ بِرَكْعَةٍ فَلَا بُدَّ لَهُ مِنْ إعْلَامِ الْمَأْمُومِينَ، وَهَذِهِ الطَّرِيقَةُ هِيَ الصَّحِيحَةُ فِي الْمَذْهَبِ جَزَمَ بِهَا فِي الْمُحَرَّرِ، وَالْفَائِقِ، وَقَدَّمَهَا فِي الْفُرُوعِ، وَالرِّعَايَةِ وَاخْتَارَهَا الْقَاضِي، وَالْمَجْدُ فِي شَرْحِهِ، وَصَاحِبُ مَجْمَعِ الْبَحْرَيْنِ، وَابْنُ تَمِيمٍ، الثَّانِيَةُ: اخْتَارَ الْمُصَنِّفُ، وَابْنُ شِهَابٍ الْعُكْبَرِيُّ فِي عُيُونِ الْمَسَائِلِ بُطْلَانَ صَلَاةِ الْمُكْرَهِ عَلَى الْكَلَامِ وَهُوَ إحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ قَالَ الْمَجْدُ فِي شَرْحِهِ وَتَبِعَهُ فِي مَجْمَعِ الْبَحْرَيْنِ وَإِذَا قُلْنَا: تَبْطُلُ بِكَلَامِ النَّاسِي فَكَذَا كَلَامُ الْمُكْرَهِ أَوْلَى؛ لِأَنَّ عُذْرَهُ أَنْدَرُ، وَقَالَ الْقَاضِي: لَا تَبْطُلُ بِخِلَافِ النَّاسِي قَالَ فِي الْفُرُوعِ: وَالنَّاسِي كَالْمُتَعَمِّدِ، وَكَذَا جَاهِلٌ وَمُكْرَهٌ فِي رِوَايَةٍ، وَعَنْهُ لَا فَظَاهِرُهُ: أَنَّ الْمُقَدَّمَ عِنْدَهُ الْبُطْلَانُ، وَقَالَ فِي الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى: وَإِنْ قُلْنَا لَا يُعْذَرُ النَّاسِي فَفِي الْمُكْرَهِ وَنَحْوِهِ وَقِيلَ: مُطْلَقًا وَجْهَانِ، وَقَالَ فِي التَّلْخِيصِ: وَلَا تَبْطُلُ بِكَلَامِ النَّاسِي، وَلَا بِكَلَامِ الْجَاهِلِ بِتَحْرِيمِ الْكَلَامِ إذَا كَانَ قَرِيبَ الْعَهْدِ بِالْإِسْلَامِ فِي إحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ، وَعَلَيْهِمَا يَخْرُجُ سَبْقُ اللِّسَانِ، وَكَلَامُ الْمُكْرَهِ. انْتَهَى. قَالَ فِي الْقَوَاعِدِ الْأُصُولِيَّةِ: أَلْحَقَ بَعْضُ أَصْحَابِنَا الْمُكْرَهَ بِالنَّاسِي، وَقَالَ الْقَاضِي: بَلْ أَوْلَى بِالْعَفْوِ مِنْ النَّاسِي، وَكَذَا قَالَ ابْنُ تَمِيمٍ وَنَصَرَ ابْنُ الْجَوْزِيِّ فِي التَّحْقِيقِ مَا قَالَهُ الْقَاضِي وَاخْتَارَهُ ابْنُ رَزِينٍ فِي شَرْحِهِ، الثَّالِثَةُ: لَوْ وَجَبَ عَلَيْهِ الْكَلَامُ كَمَا لَوْ خَافَ عَلَى ضَرِيرٍ وَنَحْوِهِ، فَتَكَلَّمَ مُحَذِّرًا لَهُ بَطَلَتْ الصَّلَاةُ، عَلَى الصَّحِيحِ مِنْ الْمَذْهَبِ، وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأَصْحَابِ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute