وَأَمَّا دُخُولُ الْمَسْجِدِ وَقْتَ نَهْيٍ لِلصَّلَاةِ مَعَهُمْ: فَيَنْبَنِي عَلَى فِعْلِ مَا لَهُ سَبَبٌ، عَلَى مَا تَقَدَّمَ، قَالَهُ فِي الْفُرُوعِ، وَابْنُ تَمِيمٍ، وَغَيْرُهُمَا، وَقَالَ فِي التَّلْخِيصِ: لَا يُسْتَحَبُّ دُخُولُهُ وَقْتَ نَهْيٍ لِلصَّلَاةِ مَعَ إمَامِ الْحَيِّ، وَيَحْرُمُ مَعَ غَيْرِهِ، وَيُخَيَّرُ مَعَ إمَامِ الْحَيِّ إذَا كَانَ غَيْرَ وَقْتِ نَهْيٍ، وَلَا يُسْتَحَبُّ مَعَ غَيْرِهِ.
[وَقَالَ الْقَاضِي: يُسْتَحَبُّ الدُّخُولُ وَقْتَ النُّهَى لِلْإِعَادَةِ مَعَ إمَامِ الْحَيِّ] ، وَيُسْتَحَبُّ مَعَ غَيْرِهِ، فِيمَا سِوَى الْفَجْرِ وَالْعَصْرِ فَإِنَّهُ يُكْرَهُ دُخُولُ الْمَسْجِدِ بَعْدَهَا، وَنَقَلَهُ الْأَثْرَمُ، وَتَقَدَّمَ اخْتِيَارُ الشَّيْخِ تَقِيِّ الدِّينِ قَرِيبًا قَوْلُهُ (وَلَا تُكْرَهُ إعَادَةُ الْجَمَاعَةِ فِي غَيْرِ الْمَسَاجِدِ الثَّلَاثَةِ) مَعْنَى إعَادَةِ الْجَمَاعَةِ: أَنَّهُ إذَا صَلَّى الْإِمَامُ الرَّاتِبُ، ثُمَّ حَضَرَ جَمَاعَةً لَمْ يُصَلُّوا، فَإِنَّهُ يُسْتَحَبُّ لَهُمْ أَنْ يُصَلُّوا جَمَاعَةً، وَهَذَا الْمَذْهَبُ، يَعْنِي أَنَّهَا لَا تُكْرَهُ، وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأَصْحَابِ وَجَزَمَ بِهِ فِي الْمُغْنِي، وَالْمُسْتَوْعِبِ، وَالْوَجِيزِ، وَالشَّرْحِ، وَنَاظِمِ الْمُفْرَدَاتِ، وَغَيْرِهِمْ وَقَدَّمَهُ فِي الْفُرُوعِ، وَابْنُ تَمِيمٍ، وَالْفَائِقُ، وَغَيْرُهُمْ، وَهُوَ مِنْ الْمُفْرَدَاتِ، وَقِيلَ: تُكْرَهُ، وَقَالَهُ الْقَاضِي فِي مَوْضِعٍ مِنْ كَلَامِهِ، وَقَالَ فِي الْفُرُوعِ: وَيَتَوَجَّهُ احْتِمَالٌ تُكْرَهُ فِي غَيْرِ مَسَاجِدِ الْأَسْوَاقِ، وَقِيلَ: تُكْرَهُ بِالْمَسَاجِدِ الْعِظَامِ، وَقَالَهُ الْقَاضِي فِي الْأَحْكَامِ السُّلْطَانِيَّةِ، وَقِيلَ: لَا يَجُوزُ.
تَنْبِيهٌ: الَّذِي يَظْهَرُ أَنَّ مُرَادَ مَنْ يَقُولُ (يُسْتَحَبُّ أَوْ لَا يُكْرَهُ) نَفْيُ الْكَرَاهَةِ لَا أَنَّهَا غَيْرُ وَاجِبَةٍ، إذْ الْمَذْهَبُ أَنَّ الْجَمَاعَةَ وَاجِبَةٌ فَإِمَّا أَنْ يَكُونَ مُرَادُهُمْ: نَفْيَ الْكَرَاهَةِ، وَقَالُوهُ لِأَجْلِ الْمُخَالِفِ، أَوْ يَكُونَ عَلَى ظَاهِرِهِ، لَكِنْ لِيُصَلُّوا فِي غَيْرِهِ.
فَائِدَةٌ: لَوْ أَدْرَكَ رَكْعَتَيْنِ مِنْ الرُّبَاعِيَّةِ الْمُعَادَةِ، لَمْ يُسَلِّمْ مَعَ إمَامِهِ، بَلْ يَقْضِي مَا فَاتَهُ نَصَّ عَلَيْهِ، وَهَذَا الصَّحِيحُ مِنْ الْمَذْهَبِ قَدَّمَهُ فِي الْفُرُوعِ، وَابْنُ تَمِيمٍ وَجَزَمَ بِهِ فِي التَّلْخِيصِ وَغَيْرِهِ، وَقَالَ الْآمِدِيُّ: لَهُ أَنْ يُسَلِّمَ مَعَهُ.
تَنْبِيهٌ: مَفْهُومُ قَوْلِهِ " وَلَا تُكْرَهُ إعَادَةُ الْجَمَاعَةِ فِي غَيْرِ الْمَسَاجِدِ الثَّلَاثَةِ " أَنَّهَا
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute