وَفَسَّرَ الْمُصَنِّفُ فِي الْمُغْنِي اتِّصَالَ الصُّفُوفِ بِبُعْدٍ غَيْرِ مُعْتَادٍ لَا يَمْنَعُ الِاقْتِدَاءَ، وَفَسَّرَهُ الشَّارِحُ بِبُعْدٍ غَيْرِ مُعْتَادٍ، بِحَيْثُ يَمْنَعُ إمْكَانَ الِاقْتِدَاءِ؛ لِأَنَّهُ لَا نَصَّ فِيهِ وَلَا إجْمَاعَ فَرَجَعَ إلَى الْعُرْفِ قَالَ فِي النُّكَتِ عَنْ تَفْسِيرِ الْمُصَنِّفِ وَالشَّارِحِ تَفْسِيرُ اتِّصَالِ الصُّفُوفِ بِهَذَا التَّفْسِيرِ غَرِيبٌ، وَإِمْكَانُ الِاقْتِدَاءِ لَا خِلَافَ فِيهِ. انْتَهَى. وَقِيلَ: يَمْنَعُ شُبَّاكٌ وَنَحْوُهُ، وَحُكِيَ رِوَايَةً فِي التَّلْخِيصِ وَغَيْرِهِ، وَقَدْ يَكُونُ الِاتِّصَالُ حِسًّا مَعَ اخْتِلَافِ الْبُنْيَانِ، كَمَا إذَا وَقَفَ فِي بَيْتٍ آخَرَ عَنْ يَمِينِ الْإِمَامِ فَلَا بُدَّ مِنْ اتِّصَالِ الصَّفِّ بِتَوَاصُلِ الْمَنَاكِبِ، أَوْ وَقَفَ عَلَى عُلُوٍّ عَنْ يَمِينِهِ وَالْإِمَامُ فِي سُفْلٍ. فَالِاتِّصَالُ بِمُوَازَاةِ رَأْسِ أَحَدِهِمَا رُكْبَةَ الْآخَرِ.
تَنْبِيهٌ: قَالَ الزَّرْكَشِيُّ: هَذَا فِيمَا إذَا تَوَاصَلَتْ الصُّفُوفُ لِلْحَاجَةِ كَالْجُمُعَةِ وَنَحْوِهَا أَمَّا لِغَيْرِ حَاجَةٍ بِأَنْ وَقَفَ قَوْمٌ فِي طَرِيقٍ وَرَاءَ الْمَسْجِدِ، وَبَيْنَ أَيْدِيهِمْ مِنْ الْمَسْجِدِ أَوْ غَيْرِهِ مَا يُمْكِنُهُمْ فِيهِ الِاقْتِدَاءُ لَمْ تَصِحَّ صَلَاتُهُمْ عَلَى الْمَشْهُورِ. انْتَهَى.
الثَّانِيَةُ: لَوْ كَانَ بَيْنَ الْإِمَامِ وَالْمَأْمُومِ نَهْرٌ قَالَ جَمَاعَةٌ مِنْ الْأَصْحَابِ: مَعَ الْقُرْبِ الصَّحِيحِ، وَكَانَ النَّهْرُ تَجْرِي فِيهِ السُّفُنُ، أَوْ طَرِيقٌ، وَلَمْ تَتَّصِلْ فِيهِ الصُّفُوفُ، إنْ صَحَّتْ الصَّلَاةُ فِيهِ لَمْ تَصِحَّ الصَّلَاةُ عَلَى الصَّحِيحِ مِنْ الْمَذْهَبِ، وَعِنْدَ أَكْثَرِ الْأَصْحَابِ قَالَ فِي الْفُرُوعِ: اخْتَارَهُ الْأَكْثَرُ قَالَ الْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ: اخْتَارَ الْأَصْحَابُ عَدَمَ الصِّحَّةِ، وَكَذَا قَالَ فِي النُّكَتِ وَالْحَوَاشِي وَقَطَعَ بِهِ أَبُو الْمَعَالِي فِي النِّهَايَةِ وَغَيْرِهِ وَقَدَّمَهُ فِي الْفُرُوعِ وَغَيْرِهِ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ: أَمَّا إنْ كَانَ بَيْنَهُمَا طَرِيقٌ فَيُشْتَرَطُ لِصِحَّةِ الِاقْتِدَاءِ اتِّصَالُ الصُّفُوفِ عَلَى الْمَذْهَبِ، وَعَنْهُ يَصِحُّ الِاقْتِدَاءُ بِهِ.
اخْتَارَهُ الْمُصَنِّفُ وَغَيْرُهُ، وَإِلَيْهِ مَيْلُ الشَّارِحِ قَالَ الْمَجْدُ: هُوَ الْقِيَاسُ، لَكِنَّهُ تُرِكَ لِلْآثَارِ وَصَحَّحَهُ النَّاظِمُ وَقَدَّمَهُ ابْنُ تَمِيمٍ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute