للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الْفَرَائِضِ، وَأَحْكَامِ أُمَّهَاتِ الْأَوْلَادِ، وَشُرُوطِ الْقِصَاصِ. وَرُبَّمَا قَوَّاهُ بَعْضُ الْأَصْحَابِ وَاخْتَارَهُ، فَيَكُونُ قَوْلَهُ، وَلَا عَمَلَ عَلَيْهِ عِنْدَهُ وَعِنْدَ مَنْ تَابَعَهُ.

وَتَارَةً يَقُولُ هُوَ أَوْ غَيْرُهُ، بَعْدَ حِكَايَتِهِ الْخِلَافَ " هَذَا قَوْلٌ قَدِيمٌ، رَجَعَ عَنْهُ " كَمَا ذَكَرَهُ فِي الْغَصْبِ، وَالْهِبَةِ وَغَيْرِهِمَا. وَقَدْ يَكُونُ اخْتَارَهُ بَعْضُ الْأَصْحَابِ.

وَاعْلَمْ: أَنَّهُ إذَا رُوِيَ عَنْ الْإِمَامِ أَحْمَدَ رِوَايَةٌ، وَرُوِيَ عَنْهُ: أَنَّهُ رَجَعَ عَنْهَا، فَهَلْ تَسْقُطُ تِلْكَ الرِّوَايَةُ وَلَا تُذْكَرُ، لِرُجُوعِهِ عَنْهَا، أَوْ تُذْكَرُ وَتُثْبَتُ فِي التَّصَانِيفِ، نَظَرًا إلَى أَنَّ الرِّوَايَتَيْنِ عَنْ اجْتِهَادَيْنِ فِي وَقْتَيْنِ، فَلَمْ يُنْقَضْ أَحَدُهُمَا بِالْآخَرِ، وَلَوْ عُلِمَ التَّارِيخُ، بِخِلَافِ نُسَخِ الشَّارِعِ؟ فِيهِ اخْتِلَافٌ بَيْنَ الْأَصْحَابِ؛ ذَكَرَهُ الْمَجْدُ فِي شَرْحِهِ وَغَيْرُهُ فِي بَابِ التَّيَمُّمِ عِنْدَ قَوْلِهِ " وَإِنْ وَجَدَهُ فِيهَا بَطَلَتْ. وَعَنْهُ لَا تَبْطُلُ " وَيَأْتِي هُنَاكَ أَيْضًا.

قُلْت: عَمَلُ الْأَصْحَابِ عَلَى ذِكْرِهَا، وَإِنْ كَانَ الثَّانِي مَذْهَبَهُ. فَعَلَى هَذَا يَجُوزُ التَّخْرِيجُ وَالتَّفْرِيعُ وَالْقِيَاسُ عَلَيْهِ، كَالْقَوْلِ الثَّانِي. قَالَ فِي الرِّعَايَةِ: فَإِنْ عُلِمَ التَّارِيخُ فَالثَّانِي مَذْهَبَهُ قِيلَ: الْأَوَّلُ إنْ جُهِلَ رُجُوعُهُ عَنْهُ. وَقِيلَ: أَوْ عُلِمَ. وَقُلْنَا: مَذْهَبُهُ مَا قَالَهُ تَارَةً. وَقَالَ فِي الْفُرُوعِ: فَإِنْ تَعَذَّرَ الْجَمْعُ وَعُلِمَ التَّارِيخُ، فَقِيلَ: الثَّانِي مَذْهَبُهُ. وَقِيلَ: وَالْأَوَّلُ. وَقِيلَ: وَلَوْ رَجَعَ عَنْهُ. وَقَالَ فِي أُصُولِهِ: وَإِنْ عُلِمَ أَسْبَقُهُمَا فَالثَّانِي مَذْهَبُهُ، وَهُوَ نَاسِخٌ. اخْتَارَهُ فِي التَّمْهِيدِ وَالرَّوْضَةِ وَالْعُدَّةِ. وَذِكْرُ كَلَامِ الْخَلَّالِ وَصَاحِبِهِ كَقَوْلِهِمَا. هَذَا قَوْلٌ قَدِيمٌ، أَوْ أَوَّلٌ: وَالْعَمَلُ عَلَى كَذَا كَنَصَّيْنِ. قَالَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ " إذَا رَأَيْت مَا هُوَ أَقْوَى أَخَذْتُ بِهِ وَتَرَكْت الْقَوْلَ الْأَوَّلَ " وَجَزَمَ بِهِ الْآمِدِيُّ وَغَيْرُهُ.

وَقَالَ بَعْضُ أَصْحَابِنَا: وَالْأَوَّلُ مَذْهَبُهُ أَيْضًا. لِأَنَّ الِاجْتِهَادَ لَا يُنْقَضُ بِالِاجْتِهَادِ وَفِيهِ نَظَرٌ. وَيَلْزَمُهُ وَلَوْ صَرَّحَ بِالرُّجُوعِ. وَبَعْضُ أَصْحَابِنَا خَالَفَ. وَذَكَرَهُ بَعْضُهُمْ مُقْتَضَى كَلَامِهِمْ. انْتَهَى.

<<  <  ج: ص:  >  >>